حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحانَ الله العظيم] (١).
وقوله: ﴿قَال إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾.
فيه أكثر من تأويل:
الأول: يعني من شأن إبليس.
قال ابن عباس: (يقول: إني قد اطلعت من قلب إبليس على ما لم تطلعوا عليه من كِبره واغتراره). وقال مجاهد: (علم من إبليس المعصية وخلقه لها).
وقال أيضًا: (علم من إبليس كتمانه الكبر أن لا يسجد لآدم).
الثاني: يعني من شأن آدم.
قال مجاهد: (علم من إبليس المعصية وخلقه لها، وعلم من آدم الطاعة وخلَقَه لها).
وقال ابن إسحاق: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ أي فيكم ومنكم، ولم يُبْدها لهم، من المعصية والفساد وسفك الدماء).
الثالث: يعني من شأن الخليفة.
قال قتادة: (فكان في علم الله أنه سيكون من ذلك الخليفة أنبياءُ ورسلٌ وقوم صالحون وساكنو الجنة).
قلت: والأنسب من ذلك أن يقال بأن الآية عامة، وبأن لله حكمة في خلق الخليقة لا يعلم آفاقها إلا هو جل ثناؤه، وإن كان سبحانه قد نوّه بذكر بعض هذه الآفاق والحكم، إلا أن الخلق لا يحيطون بعلمه وحكمته مهما بلغوا من العلم.
٣١ - ٣٣. قوله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَال أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣١) قَالوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢) قَال يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَال أَلَمْ أَقُلْ

(١) حديث صحيح. انظر مختصر صحيح البخاري -حديث رقم- (٢١٣٤)، كتاب التوحيد، وبه ختم الإمام البخاري صحيحه، ورواه مسلم في الذكر والدعاء والتوبة (٢٦٩٤).


الصفحة التالية
Icon