مُلاقي يومك هذا؟ فيقول: لا، فيقول له: اليوم أنساك كما نسيتني] (١).
وله شاهد في الصحيح: [أن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة: ألم أزوِّجكَ، ألم أكْرِمْكَ، ألم أُسَخِّرْ لك الخيل والإبل، وأذركَ تَرْأسُ وتَرْبع؟ فيقول: بلى. فيقول الله تعالى: أفظننت أنك ملاقِيّ؟ فيقول: لا. فيقول الله: اليوم أنساك كما نسيتني].
والآية من تمام الكلام الذي قبله، أي وإن الصلاة أو الوَصاةَ لثقيلة إلا على الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم. قال ابن كثير: (أي يعلمون أنهم محشورون إليه يوم القيامة، معروضون عليه، وأنهم إليه راجعون، أي أمورهم راجعة إلى مشيئته، يحكم فيها ما يشاء بعدله، فلهذا لما أيقنوا بالمعاد والجزاء سَهُل عليهم فِعْلُ الطاعات وترك المنكرات).
وقال القرطبي: (ومعنى ﴿مُلَاقُو رَبِّهِمْ﴾ جزاء ربّهم).
وقوله: ﴿وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾.
إقرار بالبعث والجزاء والعَرْض على الملك الأعلى. فالهاء والميم في ﴿وَأَنَّهُمْ﴾ تعود على الخاشعين، والهاء في ﴿إِلَيْهِ﴾ ترجع إلى الرب تعالى.
قال أبو العالية: (يستيقنون أنهم يرجعون إليه يوم القيامة).
وقال آخرون: (معنى ذلك: أنهم إليه يرجعون بموتهم).
واختار ابن جرير قول أبي العالية، وهو المفهوم من السياق، إذ الرجوع إليه سبحانه يكون بعد الموت وانتهاء حياة البرزخ والنشر والبعث.
أخرج الحاكم من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، عن النبي - ﷺ - قال: [تعلمونَ المعادَ إلى الله، ثم إلى الجنة أو إلى النار، وإقامةٌ لا ظعن فيه، وخلودٌ لا موت، في أجساد لا تموت] (٢).
٤٧ - ٤٨. قوله تعالى: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ

(١) حديث صحيح. أخرجه الترمذي في السنن (٢٥٥٨)، أبواب صفة القيامة، وكذلك رواه أحمد. انظر صحيح سنن الترمذي - حديث رقم - (١٩٧٨)، وكذلك صحيح الجامع (٧٨٧٤). وانظر للشاهد بعده صحيح مسلم (٨/ ٢١٦)، ومختصر صحيح مسلم (١٩٣٢).
(٢) حديث صحيح. أخرجه الحاكم (١/ ٨٣)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (١٦٦٨).


الصفحة التالية
Icon