وكان يحدث بالأحاديث النبوية فإذا حدّث عن (علي بن أبي طالب) لم يذكره خشية من بطش الحجاج.
ولما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة كتب إليهِ: إني قد ابتليت بهذا الأمر، فانظر لي أعوانًا يعينوني عليه، فأجابه الحسن: (أمَّا أبناءُ الدنيا فلا تريدهم، وأما أبناء الآخرةِ فلا يريدونكَ فاستعن بالله على أمرك) (١).
توفي بالبصرة سنة (١١٠) هجرية وله ثمان وثمانون سنة ودفن فيها رحمه الله رحمة واسعة.
٤ - قتادة بن دعامة: هو أبو الخطاب السدوسي البصري، ولد في البصرة سنة (٦١) وتوفي سنة (١١٧) هجرية ومات وعمره (٥٥) سنة.
روى عن أنس بن مالك وسعيد بن المسيب، وجمع من الصحابة، وكان قوي الحفظ، شديد الذكاء. يروى عنه أنه قال: (ما قلت لمحدّث قط أعد عليّ، وما سمعت أذناي شيئًا إلا وعاه قلبي).
ويروى أنه دخل على (سعيد بن المسيب) فجعل يسألهُ أيامًا، وأكثر عليهِ من السؤال، فقال له سعيد: أكلّ ما سألتني عنه تحفظه؟ قال: نعم، فتعجب منه، فقال له قتادة: سألتك عن كذا، فقلت فيه كذا، وسألتكَ عن كذا، فقلتَ فيهِ كذا، حتى أورد عليهِ جميعَ ما سمعهُ منه، فقال له سعيد: (ما كنتُ أظنّ أن الله خلق مثلك). وقال عنه مرة: (ما أتاني عراقي أحسن من قتادة). وقرئت عليهِ مرة صحيفة جابر فحفظها (٢).
وقد كان ضريرًا فاقد البصر، حيث ولد وهو أعمى، ولكنه كان آية في الحفظ والنبوغ والذكاء، وكان أحمد بن حنبل يطنب في ذكره والثناء عليهِ، وينشرُ من علمه وفقهه، وكان إمامًا في التفسير والفقه، وروى له الستة.
قال أحمد بن حنبل: (قتادة عالم بالتفسير). ووصفه بالحفظ (٣) والفقه.
ولكنه أُخذ عليه أنه كان يأخذ عن كل أحدٍ، حتى قال فيهِ الشعبي: (قتادة حاطب
(٢) انظر: "تهذيب التهذيب "ج (٨) ص (٣٥١). وتذكرة الحفاظ (١/ ١٢٢) لترجمته.
(٣) قال قتادة: (ما في القرآن آية إلا وقد سمعت فيها شيئًا). الترمذي (٣١٣٧).