الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (٦١)}.
في هذه الآية: يتابع سبحانه في استعراض النعم على بني إسرائيل فيقول: واذكروا كذلك نعمتي عليكم في إنزالي عليكم المن والسلوى، وهو طعام لذيذ طيب نافع وهنيء، فضاق الأمر بكم حتى سألتم موسى استبدال الأطعمة الدنيئة من البقول وبعض نبات الأرض بذلك بطرًا وتنطعًا وضجرًا. فنالكم ما تستحقون من العقاب والآلام، نتيجة هذا التنطع وما صاحبه من الكفر وقتل الأنبياء والعصيان.
وقد تقاربت أقوال المفسرين في ذلك، فإلى استعراض أهمها:
١ - قال قتادة: (كان القوم في البريّة قد ظلّل عليهم الغمام، وأنزل عليهم المن والسلوى، فملُّوا ذلك، وذكروا عيشًا كان لهم بمصر، فسألوه موسى. فقال الله تعالى: ﴿اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ﴾.
٢ - قال أبو العالية: (كان طعامهم السلوى وشرابهم المن، فسألوا ما ذكر، فقيل لهم: ﴿اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ﴾).
٣ - قال الحسن البصري: (فبطروا ذلك فلم يصبروا عليه، وذكروا عيشهم الذي كانوا فيه، وكانوا قومًا أهل أعداس وبصل وبقول وفوم، فقالوا: ﴿يَامُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا﴾).
قال الحافظ ابن كثير: (وإنما قالوا على طعام واحد وهم يأكلون المنَّ والسلوى، لأنه لا يتبدل ولا يتغيّر كل يوم، فهو مأكل واحد).
والبقول والقثاء والعدس والبصل كلها معرفة، وأما الفوم فقد اختُلِفَ فيه على أقوال:
١ - قيل هو الحِنْطة والخبز. قال عطاء: (الفومُ، الخبز). وقال مجاهد: ("وفومها": خبزها). وقال قتادة والحسن: (الفُوم، هو الحب الذي تختبزه الناس).
وقال السدي: (الحِنطة). وقال ابن عباس: (الحنطة والخبز).


الصفحة التالية
Icon