وَأَبًّا} [عبس: ٣١]، فقال: (أي سماء تظلني، وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لم أعلم).
وروى أبو عبيد عن عمر أنه تلا هذه الآية وقال: هذه الفاكهة عرفناها فما الأبّ؟ ثم رجع إلى نفسه فقال: (إنّ هذا لتكلّف يا عمر). وروى عن مسلم بن يسار قال: (إذا حدثت عن الله فقف حتى تنظر ما قبله وما بعده). وروى عن ابن المسيب أنه كان إذا سئل عن الحلال والحرام كانَ أعلم الناس، وإذا سئل عن آية سكت كأن لم يسمع. وروى الطبري عن ابن عباس قال: (التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب في كلامها. ووجه يعرفه كل الناس، ووجه لا يعلمه إلا العلماء، ووجه لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى ذكره).
٣ - التفاسير الفقهية: وهي كثيرة، وأكثرها جمعًا لمسائل الفقه ومباحثهِ تفسير القرطبي (١)، فإنه جمع فأوعى حيث سرد أقوال الفقهاء وأدلتهم بإنصاف وأمانة.
وهناك من التفاسير الفقهية كأحكام القرآن للجصاص الحنفي، وابن العربي المالكي، وتفسير آيات الأحكام للسايس. إلى غير ذلك.
قلت: ويؤخذ على هذا النوع من التفاسير غياب التحقيق الحديثي الفقهي المنهجي، فتكثر الأحاديث الضعيفة والواهية والموضوعة، وكثيرًا مما يعتمد على بعضها في الاستنباط وتقرير الأحكام الفقهية، الأمر الذي ينتج أبحاثًا فقهية ينقصها الدليل الصحيح والتحقيق العلمي الأصيل.
٤ - تفاسير المبتدعة: كتفسير الرمّاني والجبائي والقاضي عبد الجبار والزمخشري، فهؤلاء من المعتزلة، وقد قرّروا فيها أفكارهم ومعتقداتهم، ومنها تفسير محيي الدين بن عربي والذي قرر فيهِ مذهب الباطنية الحلولية، فجعل لكل آية بطنًا وظهرًا، وألغى ظواهر الكتاب وعَطّلها، وأتى فيها بما لم يسبق إليه، ومن طالعه وطالع "الفتوحات المكية" و"الفصوص" أدركَ ذلك.
قلت: والكلام في القرآن دون تثبت أو دليل صحيح أمر خطير وفتنة في الدين، فكيفَ بتعطيل ظواهر الآيات أو إلغائها وقد أنزل الله القرآن بلسان عربي مبين!
روى أبو عبيد بسنده عن الشعبي عن مسروق قال: (اتقوا التفسير فإنما هو الرواية