لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٧٦) أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (٧٧)}.
في هذه الآياتِ: الخطاب لأصحاب محمد - ﷺ -، يا أصحاب محمد! أفترجون أن يؤمن لكم يهود بني إسرائيل ويتابعوا نبيكم ويحتكموا لقرآنكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يغيرونه من بعد ما فهموه وهم يعلمون أنهم مفترون. وإذا لقي منافقو اليهود أصحاب محمد قالوا آمنا، وإذا رجع بعضهم إلى بعض قالوا أتكشفون لهؤلاء صفة نبيهم في التوراة ليخاصموكم عند ربكم أفلا تعقلون، أولا يعلم هؤلاء المنافقود أنّ الله يعلم سرهم ونجواهم ويعلم ما يكسبون.
قال الربيع: ﴿أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ﴾، يعني أصحاب محمدٍ - ﷺ -، ﴿أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ﴾، يقول: أفتطمعون أن يؤمن لكم اليهود).
وقوله: ﴿وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ﴾.
يعني من بني إسرائيل - إشارة إلى الآباء - إذا هم فرع عنهم باتباع منهاجهم في التكذيب.
وقوله: ﴿يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾.
فيه أقوال متقاربة:
١ - قال مجاهد: (فالذيق يحرِّفونه، والذين يكتمونه، هم العلماء منهم).
٢ - قال السدي: (هي التوراة، حرَّفوها).
٣ - قال ابن زيد: (التوراة التي أنزلها عليهم، يحرِّفونها، يجعلون الحلال فيها حرامًا، والحرامَ فيها حلالا، والحق فيها باطلًا، والباطل فيها حقًّا، إذا جاءهم المُحِقّ برشوة أخرجوا له كتاب الله، وإذا جاءهم المبطل برشوة أخرجوا له ذلك الكتاب، فهو فيه محقّ. وإذا جاء أحد يسألهم شيئًا لس فيه حق ولا رشوة ولا شيء، أمروه بالحق. فقال لهم: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾).
٤ - قال أبو العالية: (عمدوا إلى ما أنزل الله في نص كتابهم، من نعت محمد - ﷺ -، فحرفوه عن مواضعه).


الصفحة التالية
Icon