النَّاسِ، وذلك أنهم قالوا: ﴿لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى﴾، وقالوا: ﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾ فقيل لهم: ﴿فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾.
وقوله: ﴿خَالِصَةً﴾ أي: صافية. قال ابن عباس: (خاصة لكم). وفي قوله: ﴿مِنْ دُونِ النَّاسِ﴾ قال: (يقول: من دون محمد - ﷺ - وأصحابه الذين استهزأتم بهم، وزعمتم أن الحق في أيديكم، وأن الدار الآخرة لكم دونهم). وفي قوله: ﴿فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ﴾ قال: (فسلوا الموت)،
ثم قال تعالى: ﴿وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾.
قال ابن عباس: (فأبوا ذلك على رسول الله - ﷺ -، أي: بعلمهم بما عندهم من العلم بك، والكفر بذلك). وقال أيضًا: (لأنهم يعلمون أنهم كاذبون. ولو كانوا صادقين لتمنَّوه ورغبوا في التعجيل إلى كرامتي، فليس يتمنَّونه أبدًا بما قدمت أيديهم). قال ابن جريج: (وكانت اليهود أشدَّ فرارًا من الموت، ولم يكونوا ليتمنَّوه أبدًا).
وقوله: ﴿بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾.
أي: بما أسلفت أيديهم وبما عرفوا عن نبوة محمد - ﷺ - وكتموا. قال ابن جريجٍ: ﴿بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾: إنهم عرفوا أن محمدًا - ﷺ - نبيٌّ، فكتموه).
ثم قال سبحانه: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾. أي: بهم.
قال القاسمي: (تذييل للتهديد. والتنبيه عاى أنهم ظالمون في دعوى ما ليس لهم، ونفيه عمن سواهم).
وهذه الآية تشبه الآية التي في سورة الجمعة: ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٦) وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾.
ثم قال سبحانه: ﴿وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ﴾.
قال ابن عباس: (يعني اليهود).
والخطاب للنبي - ﷺ -، فإنك يا محمد لتجدن هؤلاء اليهود أكثر الناس حرصًا على الدنيا وأشدهم كراهية للموت. قال ابن جرير: (لعلمهم بما لهم في الآخرة من الخزي والهوان الطويل).


الصفحة التالية
Icon