النبيذ "نبيذًا" لأنه زبيب أو تَمْر يُطرح في وعاء ثم يعالج بالماء). والمعنى طرحه فريق منهم وتركه ونقضه ورفضه.
وعن قتادة: ﴿نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ﴾ يقول: نقضه فريق منهم).
قال ابن جريجٍ: (لم يكن في الأرض عهد يعاهِدون عليه إلا نقضوه، ويعاهدون اليوم وينقضون غدًا).
وقوله: ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾.
قال القاسمي: (دفع لما يتوهم من أن النابذين هم الأقلون). ففي الآية أن الكثرة في الغالب مذمومة، والقلة المؤمنة خير من كثرة لا يستقيم إيمانها.
وقوله: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ﴾.
قال السدي: (لما جاءهم محمد - ﷺ -).
وقوله: ﴿مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ﴾.
يعني: يصدق بما معهم مما أنزل عليهم من التوراة.
وقوله: ﴿نَبَذَهُ فَرِيقٌ﴾.
الفريق الجماعة، لا واحدَ له من لفظه. يعني جحدوه وكذبوه بغيًا وحسدًا.
وقوله: ﴿مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ يعني: علماء اليهود الذين أعطاهم الله العلم بالتوراة. وقوله: ﴿كِتَابَ اللَّهِ﴾ يعني: التوراة.
وقوله: ﴿وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ﴾.
يعني: أعرضوا عنه ورفضوه. والعرب تقول لكل رافض أمرًا: جعله وراء ظهره، أو جعله منه بِظَهْر. ﴿كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾: قال السدي: (لما جاءهم محمد - ﷺ - عارضوه بالتوراة فخاصموه بها، فاتفقت التوراة والقرآن، فنبذوا التوراة وأخذوا بكتاب آصف، وسحر هاروت وماروت. فذلك قول الله: ﴿كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾).
وقال قتادة: (أي أن القوم كانوا يعلمون، ولكنهم أفسدوا علمهم، وجحدوا وكفروا وكتموا).
١٠٢ - ١٠٣. قوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا