وقوله: ﴿وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾.
أي: ليس لكم، أيها المؤمنون، بعد الله من قيّم بأمركم، ولا نصير فيؤيدكم ويقوّيكم، فيعينكم على أعدائكم. ذكره ابن جرير.
١٠٨. قوله تعالى: ﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ [البقرة: ١٠٨].
في هذه الآية: ينهى الله سبحانه عباده المؤمنين عن كثرة سؤال النبي - ﷺ - عن الأشياء قبل حدوثها، وعن تقليد اليهود الذين أكثروا السؤال لموسى عليه السلام تنطعًا وشعورًا بالترف وقلة المسؤولية.
قال القرطبي: (﴿أَمْ تُرِيدُونَ﴾ هذه "أمْ" المنقطعة التي بمعنى بل، أي بل تريدون، ومعنى الكلام التوبيخ).
يروي ابن جرير عن ابن عباس: (قال رافع بن حُرَيْملة ووهب بن زيد لرسول الله - ﷺ -: ائتنا بكتاب تنزِّله علينا من السماء نقرؤه، وفجِّر لنا أنهارًا، نَتَّبِعكَ ونصدقك! فأنزل الله في ذلك من قولهما: ﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ﴾، الآية).
وعن قتادة قوله: ﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ﴾ قال: (وكان موسى يُسأل، فقيل له: ﴿أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً﴾).
قال ابن كثير: (والمراد أن الله ذمّ من سأل الرسول - ﷺ - عن شيء على وجه التعنّت والاقتراح، كما سألت بنو إسرائيل موسى عليه السلام تعنتًا وتكذيبًا وعنادًا).
قلت: ولا شك أن الخطاب بهذه الآية يمتد إلى الكافرين ولا يقتصر على المؤمنين. ففي التنزيل: ﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ﴾ [النساء: ١٥٣]. وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ﴾ [المائدة: ١٠١]. أي: إن تسألوا عنها بعد نزولها وحدوثها.