نَسْأَل رسولَ الله - ﷺ - عن شيءٍ، فكان يُعْجِبنا أن يجيءَ الرجل من أهل البادية، العاقِلُ، فَيَسْألَهُ ونحن نسمع] (١).
وله شاهد عند أبي يعلى عن البراء بن عازب قال: [إن كان ليأتي عليَّ السنة، أريد أن أسأل رسول الله - ﷺ - عن الشيء، فَأتهيَّبُ منه، وإن كنا لنتمنى الأعراب] (٢).
الحديث السادس: أخرج البزّار بسنده عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: [ما رأيت قومًا خيرًا من أصحاب محمَّد - ﷺ -، ما سألوه إلا عن اثنتي عشرة مسألة، كلها في القرآن: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ...﴾ [البقرة: ٢١٩]. و ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ...﴾ [البقرة: ٢١٧]، و ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى...﴾ [البقرة: ٢٢٠]. يعني هذا وأشباهه] (٣).
وقوله: ﴿وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ﴾.
قال أبو العالية: (يقول: يتبدل الشدة بالرخاء).
واستبعد ابن جرير هذا التفسير وقال: (إلا أن يكون قائل ذلك أراد بتأويله ﴿الْكُفْرَ﴾ بمعنى الشدة في هذا الموضع، وبتأويله ﴿بِالْإِيمَانِ﴾ في معنى الرخاء: ما أعدّ الله للكفار في الآخرة من الشدائد، وما أعدّ الله لأهل الإيمان فيها من النعيم).
والمعنى: ومن يختر الكفر بديلًا عن الإيمان فقد عدل عن الصراط المستقيم إلى الجهل والضلال. لذلك قال تعالى: ﴿فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾. قال الراغب: (فإن قيل ما فائدة قوله: ﴿وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ﴾ إلخ ومعلوم أنَّه بدون الكفر يضل الإنسان سواء السبيل فكيف بالكفر؟ قيل معنى ذلك: من يتبدل الكفر بالإيمان يعلم أنَّه قد ضل، قبلُ، سواء السبيل، وفي ذلك تنبيه أن ضلاله سواء السبيل قاده إلى الكفر بعد الإيمان. ومعناه: لا تسألوا رسولكم كما سئل موسى فتضلوا سواء السبيل فيؤدي بكم إلى تبديل الكفر بالإيمان. قال: ووجه آخر، وهو أنَّه سمى معاندة الأنبياء عليهم السلام، بعد حصول ما تسكن النفس إليه، كفرًا، إذ هي مؤدية إليه) ذكره القاسمي.
(٢) إسناده صحيح على شرط مسلم وله شواهد كثيرة. أخرجه الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده.
انظر تفسير ابن كثير - تحقيق المهدي - حديث رقم (٥٥٩).
(٣) رواه البزار، وأورده الحافظ ابن كثير في التفسير. انظر المرجع السابق.