ما خلّفوا وراءهم في هذه الحياة الدنيا، ولا أن يمنعوا من النعيم المقيم الذي أعدّه الله لأوليائه وأهل طاعته.
وقوله: ﴿وَقَالتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ﴾.
يبين سبحانه وتعالى في هذه الآية تناقض الفريقين من أهل الكتاب وتباغضهم وتعاديهم وتعاندهم.
قال مجاهد: (قد كانت أوائل اليهود والنصارى على شيء). وقال قتادة: (﴿وَقَالتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ﴾، قال: بلى، قد كانت أوائل النصارى على شيء ولكنهم ابتدعوا وتفرقوا. ﴿وَقَالتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ﴾ قال: بلى، قد كانت أوائل اليهود على شيء، ولكنهم ابتدعوا وتفرقوا).
وقوله: ﴿وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ﴾.
قال ابن عباس: (أي كلٌّ يتلو في كتابه تصديق ما كفر به، أي يكفر اليهود بعيسى وعندهم التوراة فيها ما أخذ الله عليهم من الميثاق على لسان موسى بالتصديق بعيسى عليه السلام، وفي الإنجيل مما جاء به عيسى تصديقُ موسى وما جاء به من التوراة من عند الله، وكلٌّ يكفر بما في يد صاحبه).
ثمَّ قال تعالى: ﴿كَذَلِكَ قَال الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ﴾.
وفيه عند المفسرين أقوال:
١ - عن الربيع: ﴿قَال الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ﴾، قال: (وقالت النصارى مثل قول اليهود قبلهم).
٢ - عن ابن جريج: قلت لعطاء: من هؤلاء الذين لا يعلمون؟ قال: (أمم كانت قبل اليهود والنصارى، وقبل التوراة والإنجيل).
٣ - وقال السدي: (هم العرب، قالوا: ليس محمَّد - ﷺ - على شيء).
وقال ابن جرير: (وقال بعضهم: عنى بذلك مُشركي العرب؛ لأنهم لم يكونوا أهل كتاب، فنسبوا إلى الجهل، ونُفي عنهم من أجل ذلك العلم).
وبالجمع بين الأقوال: فإن أهل الكتاب قد أتوا من قِيل الباطل والافتراء على الله