سنة، ومات بالأرض المقدسة ودُفن عند أبيه إبراهيم الخليل عليهما السلام. وأما يعقوب: فقيل وُلد بعد موت جدّه إبراهيم. والراجح أنه ولد في حياته لتتم البشرى التي بشره الله فيها بقوله: ﴿فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ﴾. وقيل: عاش يعقوب عليه السلام مئة وسبعًا وأربعين سنة ومات بمصر.
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ﴾ [العنكبوت: ٢٧].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً... ﴾ [الأنبياء: ٧٢]. قال ابن كثير: (وهذا يقتضي أنه وجد في حياته).
وقوله: ﴿يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ﴾.
يعني: اختار واجتبى لكم هذا الدين.
وقوله: ﴿فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.
يعني: الزموا الإسلام ولا تفارقوه فإنكم لا تدرون متى تكون مناياكم. قال ابن جرير: (فلا تفارقوا الإسلام، فتأتيكم مناياكم وأنتم على غير الدين الذي اصطفاه لكم ربكم، فتموتوا وربكم ساخط عليكم، فتهلكوا).
وقال ابن كثير: (أي: أحسنوا في حال الحياة، والزموا هذا ليرزقكم الله الوفاة عليه، فإن المرء يموت غالبًا على ما كان عليه، ويُبعث على ما مات عليه. وقد أجرى الله الكريم عادته بأن من قَصَد الخير وُفِّقَ له ويُسِّر عليه. ومن نوى صالحًا ثُبِّتَ عليه).
قلت: ويستثنى من ذلك النفاق والرياء، فإنه قد يكشف الله حال صاحبه آخر أيام حياته أو عند الغرغرة والاحتضار.
ففي الصحيحين واللفظ للبخاري من حديث عبد الله، قال: حدثنا رسول الله - ﷺ - وهو الصادق المصدوق قال: [إنّ أحدكم يُجْمَعُ في بطنِ أمه أربعين يومًا، ثم علقةً مثلَ ذلكَ، ثم يكون مضغةً مثلَ ذلك، ثم يَبْعَثُ الله ملكًا فيُؤْمر بأربعة: برزقِهِ، وأجَلِهِ، وشقِيٌّ أو سعيدٌ، ثم يُنْفَخُ فيه الروح. فوالله إِن أحدَكم أو الرجلَ ليعملُ بعمل أهل النار حتى ما يكونُ بينه وبينها غيرُ ذِراع أو باع، فيَسْبقُ عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخُلُها، وإن الرَّجُلَ ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكونُ بينه وبينها غيرُ ذراع أو


الصفحة التالية
Icon