صلوات الله وسلامه عليهم مما لا يليق بمقام النبوة والوحي والرسالة، فنسبوا لداود عليه السلام التعلق بنساء بعض جنوده حتى دفعه إلى أرض القتال فقتل فتزوج امرأته، ونسبوا لسليمان عليه السلام قصصًا من العشق والغرام مع بلقيس ملكة سبأ، ونسبوا ليوسف صلوات الله وسلامه عليه حكايات من الحب والمراهقة مع امرأة العزيز وما تأدبوا مع أكرم الخلق والذرية وهو نبي ابن نبي ابن نبيّ، كما خاضوا في أسماء أهل الكهف ولون كلبهم وعدتهم، وخاضوا في عصا موسى من أي الشجر كانت؟ وفي نوع الشجرة التي كلم الله منها موسى عليهِ السلام إلى غير ذلكَ مما أبهمه الله في القرآن مما لا فائدة في تعيينه تعود على المكلفين في دنياهم فضلًا عن أخراهم.
سادسًا: التفسير بمعرفة الناسخ والمنسوخ:
ومثال ذلك، ما جاء في صحيح الإمام البخاري عن زيد بن أرقم قال: [كنا نتكلم في الصلاة يكلم أحدنا أخاه في حاجتهِ حتى نزلت هذه الآية: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ فأمرنا بالسكوت] (١).
وفي المسند للإمام أحمد وكذلكَ عند الطبراني ورجالهُ رجال الصحيح عن ابن عباس في قول الله تعالى: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ قال: [كانوا يتكلمون في الصلاة يجيء خادم الرجل إليهِ فيكلمه بحاجتهِ وهو في الصلاة فنهوا عن الكلام] (٢).
وكذلكَ في سورة الأنفال قوله تعالى: ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ﴾ فقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي اللهُ عنه قال: [لما نزلت ﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾ شق ذلكَ على المسلمين حين فرض ألا يفر واحد من عشرة، فجاء التخفيف فقال: ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾] (٣).
سابعًا: التفسير بالسياق والسباق:
فقوله تعالى في سورة الرحمن: ﴿يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ﴾ ليس المقصود بالسلطان العلم كما زعم
(٢) انظر المسند (١/ ٤١٥)، وصحيح ابن حبان (٢٢٤٣) بألفاظ متقاربة تشهد للمعنى.
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٦٥٣) - كتاب التفسير- سورة الأنفال، آية (٦٦).