أمينه في أرضه بنعته فعرفتُه، وابني لا أدري ما كان من أمّه).
أخرج الإمام أحمد في المسند، بسند حسن عن أبي رمثة التَّيميّ قال: [أتيت النبي - ﷺ - ومعي ابن لي، فقال: ابنك هذا؟ قلت: أشهد به. (وفي رواية: فقال: ابنك هذا؟ قلت: إي ورب الكعبة، قال: ابن نفسك؟ قلت: أشهد به) قال: فإنّه لا يجني عليك ولا تجني عليه] (١).
وقد يكون المعنى: يعرفون خبر رسول الله - ﷺ - وصفاته وقبلته كما يعرفون أبناءهم من بين جميع الناس، فلا أحد يمتري في معرفة ابنه من بين ألوف الناس، ومع هذا: قال تعالى: ﴿وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾. قال مجاهد: (يكتمون محمدًا - ﷺ -، وهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل). وقال الربيع: (يعني القبلة).
وقوله تعالى: ﴿الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾.
قال الربيع: (يقول: لا تكنْ في شك، فإنها قبلتك وقبلةُ الأنبياء من قبلك). أي لا تكونن من الشاكين. والخطاب للنبي - ﷺ - والمراد أمّته.
وأصل المِرْية في لغة العرب: الشك. يقال: امترى فلان في كذا إذا اعترضه اليقين مرة والشك أخرى، فدافع إحداهما بالأخرى. ومنه المِراء في الشيء، لأن كل واحد منهما يشك في قول صاحبه.
قال الراغب: (ليس هذا بنهي عن الشك لأنه لا يكون بقصد من الشاكّ، بل هو حث على اكتساب المعارف المزيلة للشك واستعمالها. وعلى ذلك قوله: ﴿إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾).
١٤٨. قوله تعالى: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٤٨)﴾.
في هذه الآية: تقديرُ الله تعالى أن لكل ملة قبلة ووجهة، وأن الهداية بيد الله فاستبقوا الخيرات، وإليه سبحانه المرجع والحساب.
فقوله: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا﴾ - فيه أقوال متقاربة: