وَرَتّلْ كما كُنْتَ تُرَتِّلُ في الدنيا، فإن مَنْزِلتَكَ عِنْدَ آخر آيةٍ تقرأ بها] (١).
٢ - القرآن شديد التفلّت فلا بد من تعاهده.
ففي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي - ﷺ - قال: [تعاهدوا هذا القرآن، فوالذي نفسُ محمدٍ بيدهِ لهو أشد تفلتًا من الإبل في عُقُلِها].
وفي روايةٍ: [تعاهدوا القرآن، فوالذي نفسي بيده، لهو أشد تفصيًا من قلوب الرجال من الإبل مِن عقلها] (٢).
أي: تعاهدوه بالمحافظة على قراءته وتلاوته ومذاكرته، والعُقُل: جمع عقال، وهو حبل يشد به البعير في وسط الذراع.
وللحديث طريق آخر عند الإمام أحمد من حديث عقبة بن عامر مرفوعًا:
[تعلموا كتاب الله وتعاهدوهُ واقتنوه وتغنوا به، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتًا من المخاض في العقل] (٣).
ولهذا نصح عليهِ الصلاة والسلام صاحب القرآن بملازمته، بالقيام به بالليل والنهار لئلا ينساه.
فقد أخرج ابن نصر في "قيام الليل" بإسناد صحيح عن نافع عن ابن عمر، عن النبي - ﷺ - قال: [إذا قام صاحب القرآن فقرأه بالليل والنهار ذكره، وإن لم يقم به نسيه] (٤).
وفي المسند للإمام أحمد، بإسناد حسن عن أبي سعيد الخدري أن رجلًا جاءه فقال: أوصني، فقال: سألت عما سألت عنه رسول الله - ﷺ - من قبلك: [أوصيكَ بتقوى الله تعالى فإنه رأسُ كل شيء، وعليكَ بالجهاد فإنه رهبانية الإسلام، وعليك بذكر الله تعالى وتلاوة القرآن، فإنه رَوْحُكَ في السماء، وذكركَ في الأرض] (٥).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٥٠٣٣)، ومسلم (٧٩١)، وأحمد (٤/ ٣٩٧)، (٤/ ٤١١).
وأخرجهُ أبو يعلى (٧٣٠٥)، وابن أبي شيبة (٢٩٩٩٢) والبيهقي في "الشعب" (٢/ ٣٣٣).
(٣) حديث صحيح. أخرجهُ أحمد في المسند (٤/ ١٤٦)، (٤/ ١٥٣)، وانظر مجمع الزوائد (٧/ ١٦٩).
(٤) رجاله ثقات. أخرجهُ ابن نصر في "قيام الليل" (ص ٧٣). وانظر السلسلة الصحيحة (٥٩٧).
(٥) حديث حسن. أخرجه أحمد في المسند (٣/ ٨٢)، وانظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة (٥٥٥).