٤ - إتمامهما إنشاؤهما جميعًا من الميقات. قاله مكحول. قال القرطبي: (وكره مالك رحمه الله أن يحرم أحدٌ قبل الميقات).
قلت: والراجح أن المراد إقامة العمرة بتمام وكمال أحكامها التي شرعت لها، كما هو في إقامة مناسك الحج بحدودها وأركانها وواجباتها.
فقد أخرج الإمام أحمد بسند صحيح عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه قال: [جاء رجل إلى رسول الله - ﷺ - وقال: كيف تأمرني يا رسول الله في عمرتي؟ فأنزل الله عز وجل: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾. فقال رسول الله - ﷺ -: من السائل عن العمرة؟ فقال: أنا. فقال: ألق ثيابك واغتسل واستنشق ما استطعت، وما كنت صانعًا في حجتك فاصنع في عمرتك] (١).
وأصله في صحيح البخاري عن عطاء قال: حذَثني صفوانُ بنُ يَعْلى بنِ أميَّة عن أبيه: [أن رجلًا أتى النبي - ﷺ - وهو بالجِعْرانَةِ، وعليه جُبَّة وعليه أثر الخَلُوق، أو قال: صُفْرَةٌ، فقال: كيف تأمرني أن أصنعَ في عُمْرَتي؟ فأنزل الله على النبي - ﷺ - فَسُتِرَ بثوب وَوَدِدْتُ أني قد رأيت النبي - ﷺ - وقد أنزلَ عليه الوحيُ، فقال عمر: تعال، أيَسُرُّكَ أن تَنْظُرَ إلى النبي - ﷺ - وقد أنْزَلَ الله عليه الوحي؟ قلت: نعم، فرفَعَ طَرَف الثوب فنظرتُ إليه له غَطيطٌ - وأَحْسِبُهُ قال-: كغطيط البَكْرِ، فلما سُرِّي عنه قال: أين السائِلُ عن العمرة؟ اخلَعْ عنك الجُبَّةَ واغْسِلْ أثرَ الخَلُوق عنك وأنْقِ الصُّفْرة، واصنَعْ في عمرتك كما تَصْنَعُ في حَجِّكَ] (٢).
وقوله: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾.
الإحصار: هو المنع من الوجه الذي تقصده بالعوائقِ بأي عذر، سواء كان بمرض أو عدو أو جور سلطان أو غير ذلك.
قال مجاهد: (الحصر: الحبس كله. أيُّما رجل اعتُرِضَ له في حجّته أو عمرته، فإنه يبعث بهديهِ من حيث يُحْبَسُ. قال: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ﴾: يَمرض إنسان، أو يُكْسَر، أو
(٢) حديث صحيح. رواه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (١٧٨٩)، كتاب العمرة. باب: يَفْعَلُ بالعمرة ما يفْعَلُ بالحج، من حديث يعلى بن أمية.