ويروي ابن جرير بسنده عن ابن عباس قال -في هذه الآية-: (لا حرج عليكم في الشراء والبيع قبل الإحرام وبعده).
وقال مجاهد فيها: (التجارة في الدنيا، والأجر في الآخرة). قال: (التجارةُ، أحِلت لهم في المواسم. قال: فكانوا لا يبيعون أو يبتاعون في الجاهلية بعرفة).
وقوله: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ﴾.
يعني: إذا أفضتم فرجعتم من حيث بدأتم. وصرف "عرفات" وإن كان علمًا على مؤنث لأنه في الأصل جَمْع كمسلمات ومؤمنات، سمي به بقعة معينة فَرُوعي فيه الأصل فصرف. ذكره ابن كثير واختاره ابن جرير.
وعن ابن عباس قال: (إنما سميت عرفات، لأن جبريل عليه السلام كان يقول لإبراهيم: هذا موضع كذا، هذا موضع كذا. فيقول: قد عرفت، فلذلك سميت عرفات).
وعن عطاء قال: (إنما سميت عرفة، أن جبريل كان يُري إبراهيم عليهما السلام المناسك، فيقول: عرفت، عرفت. فسمي عرفات). والله تعالى أعلم.
والوقوف بعرفة أهم أركان الحج، فمن لم يقف بعرفة فلا حجّ له. وهو قول الشافعي وأحمد رحمهما الله. ووقت الوقوف من الزوال يوم عرفة إلى طلوع الفجر الثاني من يوم النحر.
أخرج الإمام أحمد وأبو داود بسند صحيح عن عبد الرحمن بن يَعْمُر الديلي قال: [أتيت النبي - ﷺ - وهو بعرفة، فجاء ناس، أو نفر، من أهل نجد، فأمروا رجلًا، فنادى رسول الله - ﷺ -: كيف الحج؟ فأمر رسول الله - ﷺ - رجلًا فنادى: الحج، الحج يوم عرفة، (وفي رواية: الحج عرفة)، من جاء قبل صلاة الصبح (وفي رواية: قبل طلوع الفجر) من ليلة جَمْعٍ (١) فقد أدرك الحج، أيام منى ثلاثة، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه] (٢).
وفي رواية أخرى عنه قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: [الحج عرفات -ثلاثًا-
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٤/ ٣٣٥)، وأخرجه أبو داود (١٩٤٩)، وغيرهما.