قلت: والظاهر أن الآية عامة في نعت طائفة من المنافقين تتكرر صورتهم عبر الزمان، ويتلونون حسب مصالحهم.
قال عطاء: (﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ﴾، قال: يقول قولًا في قلبه غيره، والله يعلم ذلك).
وقال السدي: (﴿وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ﴾، يقول: الله يعلم أني صادق أني أريد الإسلام). وقال مجاهد: (ويشهد الله في الخصومة أنما يريد الحق).
قلت: والقراءة بالضم ﴿وَيُشْهِدُ﴾ هي الأشهر والأرجح، لإجماع الحجة من القرأة عليها.
وقوله: ﴿وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ﴾.
أي: شديد الخصومة. وفيه أقوال متقاربة:
١ - قال ابن عباس: (﴿وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ﴾، أي: ذو جدال، إذا كلمك وراجعك).
٢ - قال قتادة: (شديد القسوة في معصية الله، جَدِلٌ بالباطل، وإذا شئت رأيتَه عالم اللسان جاهلَ العمل، يتكلم بالحكمة، ويعمل بالخطيئة).
٣ - وقال مجاهد: (ظالم لا يستقيم). وقال السدي: (أعوج الخصام). أي لا يستقيم على خصومة.
٤ - وقال الحسن: (الكاذب القول).
والألد في لغة العرب: الأعوج. ولدّه: خصمه. ورجل ألَدُّ بيّن اللَّدد أي شديد الخصومة. وكل ما سبق من صفات الألد المنافق.
يروي البخاري عن عائشة، عن النبي - ﷺ - قال: [إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم] (١).
وقوله: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى﴾.
قال ابن عباس: (﴿وَإِذَا تَوَلَّى﴾: يعني: وإذا خرج من عندك). وقال ابن جريج: (إذا غضب).

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (٤٥٢٣)، (٢٤٥٧)، وأخرجه مسلم برقم (٢٦٦٨)، ورواه أحمد في المسند (٦/ ٥٥).


الصفحة التالية
Icon