سبيلها، فكتب إليه: أتزعم أنها حرام فأخلي سبيلها؟ فقال: لا أزعم أنها حرام، ولكن أخاف أن تعاطوا المومسات منهن).
وقوله: ﴿وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ﴾.
فيه تفضيل المؤمنة الأمة على المشركة الحرة.
أخرج ابن جرير بسنده عن السدي قال: (نزلت في عبد الله بن رواحة، كانت له أمَةٌ سوداء فغضب عليها فلطمها، ثم فزع فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبره خبرهما، فقال له: "ما هي"؟ قال: تصوم وتصلي، وتحسن الوضوء، وتشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. فقال: يا أبا عبد الله، هذه مؤمنة. فقال: والذي بعثك بالحق لأعتقنَّها ولأتزوجنَّها. ففعل، فطعن عليه ناس من المسلمين، وقالوا: نكح أمة. وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين، وينكحوهم رغبة في أحسابهم، فأنزل الله: ﴿وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ﴾، ﴿وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ﴾ (١).
وفي الصحيحين عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: [تُنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها. فاظفَرْ بذات الدين، تربت يداك] (٢).
وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: [الدنيا متاع، وخَيْرُ متاع الدنيا المرأة الصالحة] (٣).
وقوله: ﴿وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا﴾.
قال عكرمة: (حرم المسلمات على رجالهم- يعني رجال المشركين). وقال قتادة: (لا يحل لك، أن تنكح يهوديًّا أو نصرانيًّا ولا مشركًا من غير أهل دينك). ثم بيّن الله تعالى فضل العبد المؤمن على المشرك الحر: ﴿وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ﴾. قال ابن كثير: (أي: ولرجل مؤمن، لو كان عبدًا حبشيًا، خير من مشرك، وإن كان رئيسًا سريًا).

(١) أخرجه الطبري (٤٢٢٨) عن السدي مرسلًا، ووصله الواحدي في "أسباب النزول" (١٣٦)، ورجاله ثقات. انظر تخريج أحاديث تفسير ابن كثير- المهدي. البقرة (٢٢١).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٥٠٩٠)، ومسلم (١٤٦٦)، وأحمد (٢/ ٤٢٨)، وأكثر أهل السنن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٤٦٧)، وأحمد (٢/ ١٦٨)، والنسائي (٦/ ٦٩)، وغيرهم.


الصفحة التالية
Icon