هُدْبة الثوب، فقال: لا، حتى تذوقي عُسَيْلته ويذوق عُسيلتك] (١).
ورواه أحمد عنها بلفظ: [دخلت امرأة رفاعةَ القُرَظي، وأنا وأبو بكر عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: إن رفاعة طَلَّقني البتَّة، وإن عبد الرحمن بن الزُّبير تزوَّجني، وإنَّ ما عنده مثل الهُدْبَة، وأخَذَتْ هُدْبَة من جلبابها -وخالد بن سعيد بن العاص بالباب لم يؤذن له- فقال: يا أبا بكر، ألا تنهى هذه عما تَجْهَرُ به بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-! فما زاد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على التَّبَسُّم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كأنك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا، حتى تذوقي عُسَيْلته ويذوق عسيلتك] (٢).
قلت: وقد ذمّ الله التلاعب بهذا الحكم ولعن من كان قصده من النكاح المؤقت أن يعيدها للأول، فإن اشترك الأول بذلك الاحتيال أصابه اللعن أيضًا، إذ لا بد من الزوج الثاني أن يكون راغبًا في المرأة، قاصدًا لدوام عشرتها، كما هو مقصود التزويج.
فقد أخرج الإمام أحمد عن ابن مسعود، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: [لعن الله المُحَلِّلَ والمُحَلَّل له] (٣).
وله شاهد في سنن النسائي من حديث الحارث الأعور، عن عبد الله بن مسعود قال: [آكل الربا ومُوكله وشاهداه وكاتبه إذا علموا به، والواصلة والمستوصلة، ولاوي الصدقة والمعتدي فيها، والمرتد على عقبيه أعرابيًا بعد هجرته، والمحلِّل والمحلِّل له، ملعونون على لسان محمد -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة] (٤).
وأخرج الحاكم في المستدرك بسند حسن عن عمر بن نافع عن أبيه أنه قال: [جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن رجل طَلَّق امرأته ثلاثًا، فتزوّجَها أخ له من غير مؤامرة منه لِيُحِلَّها لأخيه، هل تحلُّ للأول؟ فقال: لا، إلا نكاح رَغْبَةٍ، كنا نَعُدُّ هذا سفاحًا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-] (٥).

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٥٣١٧)، كتاب الطلاق. باب: إذا طلقها ثلاثًا ثم تزوَّجت بعد العِدَّة زوجًا غيره فلم يمسِّها. وانظر حديث رقم (٢٦٣٩) منه.
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (٦/ ٣٤)، وانظر صحيح البخاري (٢٦٣٩)، وصحيح مسلم (١٤٣٣). من حديث امرأة رفاعة القرظي رضي الله عنه.
(٣) حسن بشواهده. أخرجه أحمد (١/ ٤٥٠ - ٤٥١)، وانظر سنن الترمذي (١١٢٠).
(٤) حديث حسن. أخرجه النسائي في "الكبرى" (٨٧١٩)، (٩٣٨٩)، وأحمد (١/ ٤٠٩).
(٥) حديث حسن. أخرجه الحاكم (٢/ ١٩٩)، والبيهقي (٧/ ٢٠٨)، ورواه الطبراني. وإسناده حسن.


الصفحة التالية
Icon