تفسير الاستعاذة وحكمها
الاستعاذة: هي الالتجاء إلى الله تعالى والالتصاق بجنابه من شَرِّ كُلِّ ذي شَرّ، فهي استعانة بالله، واعتراف له بالقدرة، وللعبد بالضعف والعجز عن مقاومة هذا الشيطان اللعين إلا بإذن الله.
والشيطان يشمل شيطان الإنس والجن، وسُمِّيَ بذلكَ لأنه مشتق من شَطَنَ إذا بَعُدَ، فهو بعيد بطبعه عن طباع البشر، وبفسقه عن كل خير.
وقيل: من شاط لأنه مخلوق من نار، والأول أصح، وعليه يدل كلام العرب.
وقال سيبويه: (العرب تقول، تَشَيْطَنَ فلان، إذا فَعَلَ فِعْلَ الشياطين، ولو كان من شاط لقالوا: تَشَيَّط). فالشيطان مشتق من البُعد على الصحيح، ولهذا يسمون كل من تمرَّد من جني أو إنسي أو حيوان شيطانًا.
قال ابن جرير: (وشياطين كل شيءٍ مردته، ويكون الشيطان من الإنس والجن، كما قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾.
وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبي ذر رضي الله عنه: [أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: يا أبا ذر، تعَوَّذ بالله من شياطين الإنس والجن. فقلت: أو للإنس شياطين؟ قال: نعم] (١).
وفي صحيح مسلم عن أبي ذر أيضًا قال: [قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود". فقلت: يا رسول الله، ما بال الكلب الأسود من الأحمر والأصفر؟ فقال: "الكلب الأسود شيطان"] (٢).
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٥١٠)، وأبو داود (٧٠٢)، والترمذي (٣٣٨)، والنسائي (٢/ ٦٣)، وابن ماجة (٩٥٢)، وابن حبان (٢٣٨٥).