على زوجها أهون عليها من رمي هذه البعرة، أو هو يسير في جنب ما يجب في حق الزوج).
الحديث الثاني: أخرج البخاري في صحيحه عن زينب ابنةِ أم سلمة عن أمها: [أن امرأة توفي زوجها، فَخَشُوا على عَينَيْها، فأتَوا على رسول الله - ﷺ - فاستأذنوه في الكحل، فقال: لا تكتحل، قد كانت إحداكُنَّ تمكثُ في شَرِّ أحلاسِها أو شرِّ بيتها، فإذا كان حَوْلٌ فمرَّ كَلْبٌ رمَتْ بِبَعْرَة، فلا حتى تمضي أربعةٌ أشهر وعَشْرٌ] (١).
قال البخاري: [قال حُمَيْدٌ: فقلت لزينب: وما تَرْمي بالبعرة على رأس الحول؟ فقالت زينب: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجُها دخلتْ حِفْشًا ولَبِسَتْ شَرَّ ثيابها ولم تمَسَّ طيبًا حتى تمرَّ بها سَنَةٌ، ثم تُؤْتى بدابّةٍ حمارٍ أو شاةٍ أو طائر فتَفْتَضُّ به، فقلّما تَفْتَضُّ بشيء إلا مات، ثم تَخْرُجُ فَتُعطى بَعْرةً فترمي بها ثم تُراجِع بعدُ ما شاءت من طيبٍ أو غيره. سُئل مالكٌ رحمه الله: ما تَفْتَضُّ به؟ قال: تَمْسَحُ به جلدها] (٢).
الحديث الثالث: أخرج الإمام مالك في الموطأ عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عُجْرة، عن عمته زينب بنت كعب بن عُجْرة: [أن الفُرَيْعَةَ بنت مالك بن سنان، وهي أخت أبي سعيد الخدري، رضي الله عنهما، أخبرتها: أنها جاءت إلى رسول الله - ﷺ - تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خُدرة، فإن زوجها خرج في طلب أعْبُدٍ له أَبَقُوا، حتى إذا كانوا بطرف القَدُوم لَحِقَهم، فقتلوه. قالت: فسألت رسول الله - ﷺ - أن أرجع إلى أهلي في بني خُدْرةَ، فإن زوجي لم يتركني في مسكن يملكه ولا نَفَقَة. قالت: فقال رسول الله - ﷺ -: نعم. قالت: فانصرفتُ، حتى إذا كنتُ في الحُجْرة ناداني رسول الله - ﷺ - أو أمَرَ بي فَنُوديتُ له فقال: كيف قُلتِ؟ فَرَدَّدْتُ عليه القصَّة التي ذكرت له من شأن زوجي. فقال: امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله. قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرًا. قالت: فلما كان عثمان بن عفان أرسلَ إليَّ فسألني عن ذلك، فأخبرتُه، فاتَّبَعَهُ وقضى به] (٣).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (٥٣٣٧)، كتاب الطلاق. باب: تُحِدّ المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرًا.
(٣) إسناده حسن. أخرجه مالك (٢/ ٥٩١)، ومن طريقه أخرجه أبو داود (٢٣٠٠)، والترمذي (١٢٠٤). وأخرجه النسائي (٦/ ٩٩)، وابن ماجة (٢٠٣١)، وأحمد (٦/ ٣٧٠).