عن أبيه قال: قال رسول الله - ﷺ -: [ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، ومدمن الخمر، والمنان بما أعطى] (١).
وقوله: ﴿وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ﴾.
يعني: والله غني عما يتصدقون به، حليم بتأخير العقوبة عمن يمتن بصدقته ويؤذي، فيعطيه الفرصة ليستعتب من إساءته وظلمه.
وقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى﴾.
إخبار أن المنّ بالصدقة والأذى بها يبطل ثوابها. ﴿كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالهُ رِئَاءَ النَّاسِ﴾: أي: كما يبطل الرياء الصدقة إذا ما أريد بها المدح بالكرم وطلب الشهرة والدنيا، ولذلك أتبعها بقوله: ﴿وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾.
وقوله: ﴿فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ﴾.
وهو الصفا، أي: الحجارة الملس، والصفوان واحدٌ وجميع، فمن جمعه جعل الواحدة "صفوانة". ﴿عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ﴾ وهو المطر الشديد. ﴿فَتَرَكَهُ صَلْدًا﴾ أي: أملس يابسًا قد ذهب ما عليه من التراب، وهو تمثيل رائع لذهاب أعمال أهل الرياء. ولهذا قال: ﴿لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ أي: لا ينتفعون بأعمالهم يوم القيامة إذ لم تكن خالصة لوجه الله فأحبطها.
٢٦٥. قوله تعالى: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٦٥)﴾.
في هذه الآية: ذكر مثل طريقة إنفاق أهل الصدق والتقوى يريدون بإنفاقهم وبذلهم رضوان الله ومغفرته.
قال الشعبي: (﴿وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾: تصديقًا ويقينًا).
وقال قتادة: (احتسابًا من أنفسهم).

(١) حديث صحيح. أخرجه النسائي (٥/ ٨٠)، وأحمد (٢/ ١٣٤)، والحاكم (٤/ ٦٤٦) وسنده جيد.


الصفحة التالية
Icon