ب- فعل: أمر أو خبر. نحو: أبدأ باسم لله، أفتتح باسم الله، وكقوله تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١)﴾ [العلق: ١]. وكلا التقديرين صحيح.
والاسم في قوله: "باسم" مشتق مِنْ "سَمَوَ" أي من السُّمُو، وهو العلوّ والرفعة -في قول البصريين، أو مشتق من السِّمة وهي العلامة من "وَسَمَ" في قول الكوفيين، والراجح الأول، وفي تأويله ثلاثة أقوال:
القول الأول: قيل "اسم" لأن صاحبه بمنزلة المرتفع به.
القول الثاني: قيل: بل لأن الاسم يسمو بالمسمّى فيرفعه عن غيره.
القول الثالث: قيل: إنما سُمِّيَ الاسم اسمًا لأنه علا بقوّته على قسمي الكلام: الحرف والفعل، والاسم أقوى منهما بالإجماع لأنه الأصل، فَلِعُلُوِّهِ عليهما سمي اسمًا.
وأما المقصود هنا في الاسم في قوله تعالى: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ فهو المسمى بعينه من غير تفصيل.
فقولك: الله عالم، دالٌّ على الذات الموصوفة بكونه عالمًا. فالاسم كونه عالمًا وهو المسمى بعينه.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: [إن لله تسعة وتسعين اسمًا مئة إلا واحدًا من أحصاها دخل الجنة] (١).
لقد افتتح الصحابة كتاب الله بهذه الآية: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، واتفق العلماء أنها بعض آية من سورة النمل، واختلفوا هل هي آية مستقلة في أول كل سورة، أو بعض آية من كل سورة، أو إنها آية من الفاتحة دون غيرها.
والراجح أنها آية من الفاتحة لثبوت ذلكَ عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
فقد أخرج الدارقطني والبيهقي والديلمي بسند صحيح عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: [إذا قرأتم: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ فاقرؤوا: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح -حديث رقم- (٢٦٧٧) - كتاب الذكر والدعاء. باب في أسماء الله تعالى، وفضل من أحصاها.


الصفحة التالية
Icon