"زدني في الأجل وأزيدك في مالك". فإذا قيل لهما هذا ربا لا يحل، قالوا: "سواء علينا زدنا في أول البيع، أو عند مَحِلّ المال" فكذبهم الله في قيلهم فقال سبحانه: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾.
وقوله: ﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى﴾.
يعني بالموعظة: التذكير والتخويف الذي ذكّرهم الله به وخوّفهم كما جاء في وعيد القرآن وآياته.
وقوله: ﴿فَلَهُ مَا سَلَفَ﴾.
قال السدي: (فإنه ما كان أكل من الربا قبل التحريم).
والمقصود: عفا الله عما سلف بعد وصول بلاع الشرع، كما قال النبي - ﷺ - يوم فتح مكة: [وربا الجاهلية موضوع، وأول ربًا أضَعُ رِبانا، رِبا عباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله] (١).
وقوله: ﴿وَمَنْ عَادَ﴾.
أي: إلى الربا بعدما بلغه النهي والوعيد، ﴿فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾.
أخرج البخاري عن ابن عباس قال: (آخر ما نزل على رسول الله - ﷺ -، آية الربا) (٢).
وله شاهد في مسند أحمد عن سعيد بن المسيب، أن عمر قال: (من آخر ما نزل، آيةُ الربا، وإن رسول الله - ﷺ - قُبِضَ قبل أن يفسرها لنا، فدعوا الربا والريبة) (٣).
وفي سنن النسائي عن ابن مسعود، عن النبي - ﷺ - قال: [آكل الربا وموكِلهُ، وكاتبُه، وشاهِداه، إذا علموا ذلك، والواشمة والموشومة للحسن، ولاوي

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح -حديث رقم- (١٢١٨)، كتاب الحج، في حجة النبي - ﷺ - التي رواها جابر رضي الله عنه.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (٤٥٤٤) عن ابن عباس به.
(٣) أخرجه ابن ماجة (٢٢٧٦)، والطبري (٦٣٠٥) بسند صحيح إلى ابن المسيب، واختلف في سماع ابن المسيب من عمر، ولكن مراسيل ابن المسيب جياد بكل حال.


الصفحة التالية
Icon