عليَّ، فأفقت فقلت ما تأمرني أن أصنع في مالي يا رسول الله، فنزلت: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ﴾] (١).
وأخرج الترمذي وأبو داود وابن ماجة والحاكم بسند صحيح عن جابر رضي الله عنه قال: [جاءت امرأة سعد بن الربيع فقالت: يا رسول الله! هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك يوم أحد شهيدًا وإن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالًا. فقال: يقضي الله في ذلك. فنزلت آية المواريث، فأرسل رسول الله - ﷺ - إلى عَمِّهِما فقال: أعط ابنتي سعد الثلثين وأُمَّهُما الثمن وما بقي فهو لك] (٢).
والآية أمر من الله بالعدل في القسمة للمواريث، فقد كان أهل الجاهلية يجعلون الميراث للذكور ويحرمون منه الإناث، فعاب الله عليهم هذا الظلم، وبيّن سبحانه القسمة الشرعية العادلة، فقال سبحانه:
﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾. قال البخاري: عن ابن عباس قال: (كان المال للولد، وكانت الوصية للوالدين، فنسخ الله من ذلك ما أحب، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس والثلث، وجعل للزوجة الثمن والربع، وللزوج الشطر والربع).
فجعل للذكر ضعف ما للأنثى لاحتياج الرجل إلى المال أكثر من الأنثى، أثناء معاناة التجارة والتكسب وتحمل المشاق، وتكلف المؤونة وما يقوم به أمر الأسرة.
وقوله: ﴿فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ﴾.
المقصود: إن ترك الميت من البنات أكثر من اثنتين فلبناته الثلثان من التركة، دون سائر ورثته، إذا لم يكن الميت خلّف ولدًا ذكرًا معهن.
وقوله: ﴿وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ﴾.
المعنى: إن كانت المتروكة ابنة واحدة ليس معها غيرها من ولد الميت ذكر ولا أنثى، فإنها تستحق نصف الميراث.

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٥٧٧)، ومسلم (١٦١٦)، وأخرجه ابن جرير (٨٧٣٣).
(٢) حديث صحيح لغيره. أخرجه أبو داود (٢٨٩١)، والترمذي (٢٠٩٢)، وابن ماجة (٢٧٢٠)، وأحمد (٣/ ٣٥٢). وأخرجه الحاكم (٤/ ٣٣٤) وصححه ووافقه الذهبي.


الصفحة التالية
Icon