﴿مِنْ نِسَائِكُمْ﴾، وفي الثانية ﴿منكم﴾. قال السدي وقتادة وغيرهما: (الأولى في النساء المحصنات. يريد: ودخل معهنّ من أحصِن من الرجال بالمعنى. والثاني في الرجل والمرأة البِكرين). وقال مجاهد: (الرجلان الفاعلان، لا يَكْني).
أخرج أبو داود والترمذي بسند صحيح عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - ﷺ -: [من رأيتموه يعملُ عملَ قوم لوط، فاقتلوا الفاعل والمفعول به] (١).
وفي لفظ: (من وجدتموه) بدل: (من رأيتموه).
وقوله: ﴿فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا﴾. أي: إن تابا من الفاحشة التي سقطا في حبائلها وشباكها وراجعا طاعة الله سبحانه وأصلحا دينهما فاصفحوا عنهما وكفوا عنهما الأذى الذي أمرتم به قبل، فلا تعنفوهما بكلام قبيح بعد التوبة ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ يحب التوبة لعباده إذا رجعوا إليه فيغفر لهم ما مضى وهو ذو رحمة ورأفة بهم.
قلت: ولا شك أن هذا إنما كان قبل نزول الحدود، فلما نزلت الحدود نسخت هذه الآية. ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي - ﷺ -: [إذا زنت الأمةُ فتبيَّن زناها فليجلدها ولا يُثَرِّب... ] الحديث (٢).
١٧ - ١٨. قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (١٧) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَال إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٨)﴾.
في هذه الآيات: لا يزال الله يغفر للعبد المنيب ما دامت روحه في جسده، فإذا بلغت الحلقوم ولم يتب فقد فات الأوان. وكذلك الذين يموتون وهم كفار، فإن وراءهم العذاب والخذلان.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٢١٥٢)، كتاب البيوع، باب بيع العبد الزاني، وانظر (٢٥٥٥).