وقوله: ﴿وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ - فيه أقوال:
١ - الميثاق الغليظ: [ن يقال للناكح: آلله عليك لتمسكن بمعروف أو لتسرحن بإحسان. قال قتادة: (والميثاق الغليظ الذي أخذه للنساء على الرجال: إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. وقد كان في عقد المسلمين عند إنكاحهم: "آلله عليك لتمسكن بمعروف أو لتسرحن بإحسان").
٢ - الميثاق الغليظ: هو كلمة النكاح التي استحلّ بها الفرج.
قال مجاهد: (كلمة النكاح التي استحل بها فروجهن).
٣ - الميثاق الغليظ: هو قول النبي - ﷺ -: "أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله".
قال الربيع: (والميثاق الغليظ: أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله).
قلت: والتأويل الثالث أقرب، لما روى مسلم في صحيحه عن جابر - في خطبة حجة الوداع - أن النبي - ﷺ - قال فيها: [واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستَحْلَلْتُم فروجهن بكلمة الله] (١).
وقوله: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾.
أخرج ابن جرير ورجاله رجال الصحيح - إلا محمد بن عبد الله المخرمي وهو ثقة - عن عكرمة عن ابن عباس قال: [كان أهل الجاهلية يحرمون ما يحرم إلا امرأة الأب والجمع بين الأختين. قال: فأنزل الله: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ إلى قوله: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ﴾] (٢).
وقوله: ﴿إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ - فيه أقوال:
١ - قيل معناه: لكن ما قد سلف فدعوه. قال القاسمي في التفسير: (أي سوى ما قد مضى في الجاهلية فإنه معفو لكم ولا تؤاخذون به).
(٢) حديث صحيح. أخرجه ابن جرير في "التفسير" -حديث رقم- (٨٩٣٩). وانظر: "الصحيح المسند من أسباب النزول". سورة النساء، آية (٢٢).