وقوله: ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا﴾. أي: لا يُخالف ولا يمانَع.
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾.
المعنى: من لقي الله وهو يشرك به لا يغفر له، ويغفر سبحانه ما دون ذلك من الذنوب لمن شاء من عباده.
وقد جاءت السنة الصحيحة بهذا المعنى، في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم عن أبي ذر قال: [أتيت رسول الله - ﷺ - فقال: ما من عبد قال: لا إله إلا الله، ثم مات على ذلك، إلا دخل الجنة. قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق. قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق. ثلاثًا، ثم قال في الرابعة: على رَغْم أنف أبي ذر. قال: فخرج أبو ذر وهو يجرُّ إزاره وهو يقول: وإن رَغِمَ أنف أبي ذر. وكان أبو ذر يحدث بهذا بعد ويقول: وإن رغم أنف أبي ذر] (١).
الحديث الثاني: أخرج الإِمام مسلم عن جابر، عن النبي - ﷺ - قال: [من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة، ومن مات يشرك بالله شيئًا دخل النار] (٢).
الحديث الثالث: أخرج الطبراني بسند صحيح عن أبي الدرداء، عن النبي - ﷺ - قال: [قال الله تعالى: يا ابن آدم! مهما عَبَدتني ورجَوتني ولم تشرك بي شيئًا غفرتُ لك على ما كان منك، وإن استقبلتني بملء السماء والأرض خطايا وذنوبًا استقبلتك بملئهنَّ من المغفرة، وأغفِرُ لك ولا أبالي] (٣).
الحديث الرابع: أخرج البزّار بسند جيد عن نافع، عن ابن عمر قال: [كنا نمسك عن الاستغفار لأهل الكبائر حتى سمعنا نبينا - ﷺ - يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾، وقال أخَّرْتُ سْفاعتي لأهل الكبائر من أمتي يوم القيامة] (٤).
وقوله: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾.
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٩٣)، كتاب الإيمان. باب من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة ومن مات مشركًا دخل النار. وانظر كتابي: أصل الدين والإيمان (١/ ٧٢)، لتمام البحث.
(٣) حديث صحيح. انظر صحيح الجامع (٤٢١٧)، ومسند أحمد (٥/ ١٥٤)، (٥/ ١٥٣).
(٤) إسناده جيد. أخرجه البزار -حديث رقم- (٣٢٥٤)، وذكره ابن كثير في التفسير، وله شواهد.