وقوله: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ﴾.
يروي ابن جرير بسنده عن ابن عمر قال: (إذا احترقت جلودهم بدلناهم جلودًا بيضًا أمثال القراطيس). وقال قتادة: (كلما احترقت جلودهم بدّلناهم جلودًا غيرها). أي: هم في عذاب دائم يشبه ديمومة كفرهم في الأرض ومكرهم المتتابع بالرسل والمؤمنين.
وقوله: ﴿لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ﴾. أي: ليجدوا ألم العذاب وكربه وشدته، مقابلة لما كانوا يستكبرون ويبغون في الأرض بغير الحق.
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾. أي: ﴿عَزِيزًا﴾ في انتقامه ممن عانده، ﴿حَكِيمًا﴾ في تدبيره وقضائه.
وقد جاءت السنة الصحيحة بوصف بعض ألوان العذاب للكفار ونعت بعض صفاتهم آنذاك:
الحديث الأول: أخرج الإِمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: [ما بين منكبي الكافر في النار مسيرةُ ثلاثة أيام للراكب المسرع].
وفي رواية: [ضِرسُ الكافر مثل أحد، وغِلظ جلده مسيرة ثلاث] (١).
الحديث الثاني: أخرج الترمذي بسند صحيح عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - ﷺ -: [إن غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعًا، وإن ضِرْسَهُ مثل أحد، وإن مَجْلسه من جهنم ما بين مكة والمدينة] (٢).
الحديث الثالث: أخرج الإِمام مسلم عن سمرة بن جندب، أن النبي - ﷺ - قال: [منهم من تأخذه النار إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه النار إلى حُجْزَتِه، ومنهم من تأخذه النار إلى تَرْقُوَتِه] (٣).
(٢) حديث صحيح. أخرجه الترمذي (٣/ ٣٤٢)، والحاكم (٤/ ٥٩٥). وانظر تخريج المشكاة (٥٦٧٥)، والسلسلة الصحيحة (١١٠٥)، وصحيح الجامع (٢١١٠) بزيادة: "وأربعون ذراعًا بذراع الجبار" أي: من جبابرة الآدميين ممن كان في القرون الأولى وأحسبه ملكًا من ملوك الأعاجم كان تام الذراع، وكان أعظم خلقًا وأطول أعضاء وذارعا من الناس.
(٣) حديث صحيح. انظر مختصر صحيح مسلم -حديث رقم- (١٩٥٣) في تفصيل أكبر من حديث المقداد. والحجزة: وسط الإنسان، ومعقد إزاره.