وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾.
قال البخاري: حدثنا آدم، حدثنا شعبة، حدثنا المغيرة بن النعمان، قال: سمعت ابن جُبير قال: اختلف فيها أهل الكوفة، فرَحلْت إلى ابن عباس فسألته عنها، فقال: [نزلت هذه الآية: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ﴾ هي آخر ما نزل، وما نسخها شيء] (١).
وأخرج الطبراني بإسناد حسن عن زيد بن ثابت قال: [لما نزلت هذه الآية التي في "الفرقان": ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ عَجِبْنا لِلِيْنِها، فلبثنا ستة أشهر، ثم نزلت ضد التي في "النساء": ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ﴾ حتى فرغ] (٢).
وروى ابن جرير بسنده عن سعيد بن جبير قال: سألت ابن عباس عن قوله: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ﴾ قال: (إن الرجل إذا عرف الإِسلام وشرائع الإِسلام ثم قتل مؤمنًا متعمدًا، فجزاؤه جهنم ولا توبة له). فذكرت ذلك لمجاهد فقال: "إلا من ندم".
وقد جاءت السنة الصحيحة بالتهديد والوعيد لمن أهدر دم مسلم أو أصاب من ذلك.
الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم صْ ابن مسعود قال: قال رسول الله - ﷺ -: [أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء] (٣).
الحديث الثاني: أخرج أبو داود بسند صحيح عن أبي الدرداء: أن رسول الله - ﷺ -
(٢) حديث حسن. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (٥/ ١٥٠/ ٤٨٦٩)، وإسناده حسن في المتابعات والشواهد. وأخرجه النسائي (٤٠٠٧)، وابن جرير في "التفسير" (٤/ ١٣٩)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة -حديث رقم- (٢٧٩٩).
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (٦٥٣٣)، وكذلك (٦٨٦٤)، وأخرجه مسلم برقم (١٦٧٩)، وغيرهما. من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.