النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣)}.
في هذه الآية: إخبار من الله عن بعض المحرمات: كالميتة - وهي ما مات من الحيوان حتف أنفه -، والدم المسفوح، ولحم الخنزير، وما ذبح فذكر عليه اسم غير الله، وما مات خنقًا، أو بالضرب، أو بالتردي من شاهق، أو بسبب نطح غيرها، أو بسبب اعتداء السبع عليها، إلا ما أمكن تداركه من هذه الأنواع بالذبح الشرعي، وكذلك حرّم من الحيوان ما ذبح عند الأصنام أو الآلهة المزيفة ولو ذكر اسم الله عليها، كما يحرم الاستقسام بالأزلام، فإن تعاطيه فسق وغي وضلال وشرك، فاليوم يئس الكفار أن تراجعوا دينهم فأفردوا الله بالخشية، فقد أتم لكم دينكم في هذا اليوم وأكمل بيان تشريعه لكم، فمن وقع في العنت وألجأته الضرورة لأكل بعض ما سبق من المحرمات فبالحد الأدنى ويستغفر الله الغفور الرحيم.
وتفصيل ذلك:
قوله ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾.
أي ما مات حَتْف أنفه دون صيد أو ذكاة شرعية، والتحريم خير، لما تتضمن الميتة عادة من المضرّة كالدم المحتقن الفاسد، وإمكانية تجمع الجراثيم وتشكل الأوبئة والأمراض.
ويستثنى من الميتة السمك والجراد. وفي ذلك حديثان:
الحديث الأول: أخرج الإمام أحمد والبيهقي بسند صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - ﷺ -: [أحلت لنا ميتتان ودمان: أما الميتتان فالحوت والجراد. وأما الدمان فالكبد والطحال] (١).
الحديث الثاني: أخرج أبو داود وابن ماجة بسند صحيح عن أبي هريرة قال: [جاء رجل إلى رسول الله - ﷺ - فقال: يا رسول الله! إنا نركب البحر. ونحمل معنا القليل من

(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٩٦/ ٢٥٥/ ١)، والبيهقي (١/ ٢٥٤)، وانظر صحيح الجامع (٢٠٨).


الصفحة التالية
Icon