وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (١٠)}.
هذا من تمام عدله سبحانه: موافاة المؤمنين نتيجة أعمالهم وإقامة الحق والعدل المغفرة والأجر العظيم، في حين ينتظر الكافرين: الظالمين أنفسهم بالكفر وغيرهم بالظلم والجور، عذاب الجحيم.
وقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ﴾. فيه أكثر من تأويل:
التأويل الأول: قيل نزلت في شأن بني النضير حين همّوا بإلقاء الرّحى على رأس رسول الله - ﷺ -، حين ذهب إليهم ليعينوه في دية الرجلين من بني كلاب اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري في أعقاب حادثة بئر معونة، وكان ذلك يجب عليهم حسب بنود المعاهدة، فكانت نعمة الله بفضحهم وإجلائهم.
قال مجاهد: (﴿إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ﴾: اليهود، دخل عليهم النبي - ﷺ - حائطًا لهم وأصحابُه من وراء جداره، فاستعانهم في مَغْرَمِ دِية غرمها، ثم قام من عندهم، فائتمروا بينهم بقتله. فخرج يمشي القهقرى ينظر إليهم، ثم دعا أصحابه رجلًا رجلًا حتى تتاموا إليه) (١).
ويروي ابن جرير في التفسير أن حيي بن أخطب قال لهم: ألا ترون أقرب منه الآن، اطرحوا عليه حجارة فاقتلوه، ولا ترون شرًّا أبدًا، فجاؤوا إلى رحى لهم عظيمة ليطرحوها عليه، فأمسك الله عنها أيديهم حتى جاءه جبريل).
التأويل الثاني: قيل بل نعمة الله المذكورة هنا إعلام الله نبيّه بطعام قدمه له يهود أرادوا به قتله وقتل أصحابه. قال ابن عباس في الآية: (وذلك أن قومًا من اليهود صنعوا لرسول الله وأصحابه طعامًا، ليقتلوه إذا أتى الطعام، فأوحى الله إليه بشأنهم فلم يأت الطعام، وأمرَ أصحابه فلم يأتوه).
التأويل الثالث: قيل بل النعمة هنا إطلاع الله نبيّه - ﷺ - على محاولة عدوه المشرك قتله في بَطْن نَخْل حين استلّ سيفه، وتشريع صلاة الخوف للأمة.