والهداية هنا تعني هداية التوفيق والإلهام، وهي هداية خاصة بالمؤمنين الذين صدقوا الرسل واتبعوهم، وصار لهم قدم صدق في الإسلام والإيمان والإحسان، وتعلقت قلوبهم بالله ومحابه، فهناك يكرمهم ربهم تباركت أسماؤه وصفاته بهداية خاصة بعد هداية الدلالة والإرشاد. فإن مراتب الهداية كما وردت في الكتاب والسنة:
١ - هداية الخلق العامة.
٢ - هداية الدلالة والإرشاد.
٣ - هداية التوفيق والإلهام.
٤ - هداية إلى طريق الجَنَّة يوم القيامة.
فقوله هنا: ﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ﴾ كقوله: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [العنكبوت: ٦٩]. وكقوله في سورة مريم: ﴿وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى﴾ [مريم: ٧٦].
أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: [إن الله تعالى قال: من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب، وما تقرّب إليَّ عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأُعْطِيَنَّهُ، وإن استعاذني لأعيذنه، وما تردّدت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته] (١).
وقوله: ﴿وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٦)﴾.
أي: يرشدهم إلى دين الله القويم، ويسدِّد خُطاهم إليه، وينجيهم من فساد واعوجاج بقية المسالك، فليس بعد الحق إلا الضلال.
١٧ - ١٨. قوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ