وكذلك قوله جلت عظمته: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٠)﴾ [السجدة: ٢٠].
فلا مندوحة للكافر عن العذاب يوم القيامة ولا محيص له ولا مناص، فقد قضى الله تعالى ليملأن جهنم من المشركين والمجرمين، وأنه سبحانه لا يغفر أن يشرك به، وأَنَّ ذَهَبَ الأرض وكنوزها لا تنفع أحدًا منهم يوم الحساب.
وقوله تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (٣٧)﴾.
أي عذاب دائم مستمر ثابت لا يزول عنهم ولا يتحول، هو للذين كفروا بربهم يوم القيامة.
يروي ابن جرير بسنده عن عكرمة: أنَّ نافع بن الأزرق قال لابن عباس رحمه الله: أعمى البصر أعمى القلب، يزْعُمُ أن قومًا يخرجون من النار، وقد قال الله جل وعز: ﴿وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا﴾؟ فقال ابن عباس: (ويحك، اقرأ ما فوقها! هذه للكفار).
وفي صحيح مسلم عن سمرة بن جندب، أن النبي - ﷺ - قال: [منهم من تأخذه النار إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه النار إلى حُجْزَتِه، ومنهم من تأخذه النار إلى تَرْقُوَته] (١).
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: [ما بين منكبي الكافر في النار مسيرةُ ثلاثة أيام للراكب المسرع] (٢).
٣٨ - ٤٠ قوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٣٨) فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٩) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤٠)﴾.
في هذه الآياتِ: تشريع قطع يد السارق، وأنَّ الله يقبل توبته بعد سرقته إذا أناب
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم في صحيحه (٨/ ١٥٤)، من حديث أبي هريرة مرفوعًا. وانظر مختصر صحيح مسلم (١٩٨٣)، وله شاهد عند الترمذي. انظر صحيح الجامع (٢١١٠).