لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٥٤) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (٥٥) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (٥٦)}.
في هذه الآيات: إِخبَارٌ من الله سبحانه عن استغنائه وقدرته، فمن ترك دين الإسلام أو ارتد عنه فإنه يخلق جلت عظمته لدينه العظيم رجالًا أوفياء ينصرون هذا الدين ويجاهدون في سبيل الله ولا يخافون أحدًا وقف في طريقهم. إنه ليس لكم أيها المؤمنون ناصر إلا الله ورسوله وأهل الإيمان -أهل إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وتعظيم شرائع الحق- فمن وثق بالله وتولى الله ورسوله وعباده المؤمنين فهؤلاء لهم الدولة والغلبة على فئة الشيطان وحزبه.
قال ابن عباس: (﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ﴾ الآية، وعيد من الله أنه من ارتَدَّ منكم، أنه سيستبدل خيرًا منهم).
وقوله: ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾.
قال ابن جرير: (أرقَّاء عليهم، رحماءَ بهم).
وقوله: ﴿أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾.
قال علي: (أهل غلظة على من خالفهم في دينهم)
وقوله: ﴿يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ﴾.
قال ابن كثير: (أي: لا يردُّهم عَمّا هُم فيه من طاعة الله، وقتال أعدائه، وإقامة الحدود، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يَردُّهم عن ذلك رادّ، ولا يصدّهم عنه صادّ، ولا يَحيكُ فيهم لوَمُ لائم، ولا عَذْلُ عاذِلٍ).
وقد جاءت السنة الصحيحة بهذا المعنى في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الإمام أحمد في المسند، والطبراني في الأوسط، بسند جيد عن أبي ذرّ قال: [أمرني خليلي -صلى الله عليه وسلم- بسبع: أمرني بحبِّ المساكين والدنوِّ منهم، وأمرني أن أَنْظُرَ إلى من هو دُوني، ولا أنظُرَ إلى من هو فوقي، وأمرني أن أصِلَ الرَّحِمَ وإن أدْبَرَت، وأمرني ألا أسأل أحدًا شيئًا، وأمرني أن أقول الحقَّ وإن كان مُرًّا،


الصفحة التالية
Icon