وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (٥٦)﴾.
قال السدي: (أخبرهم -يعني الرب تعالى ذكره- مَنِ الغالب، فقال: لا تخافوا الدولة ولا الدائرة، فقال: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾ و"الحزب"، هم الأنصار).
وفي التنزيل: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢١) لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٢٢)﴾.
فمن نصر دين الله نصره الله وكتب له الغلبة على عدوه، سنة الله ولن تجد لسنته تبديلًا.
٥٧ - ٥٨. قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٥٧) وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (٥٨)﴾.
في هذه الآيات: تَحْذِيرٌ من الله للمؤمنين من موالاة أعداء الإسلام من الكتابيين والمشركين، الذين يستهزئون بأفضل أديان البرية الذي لا يقبل الله غيره بعد بعثة محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى يوم القيامة. وَتَنْفِيرٌ من صنيع أولئك المستهزئين عند ندائكم لصلاتكم، إذ يرونها من اللهو واللعب، وقد اتهمهم الله بعقولهم مقابل ذلك.
قرأ جماعة من قراء الحجاز والبصرة والكوفة ﴿وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ﴾ بكسر الراء. والتقدير: لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوًا ولعبًا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الكفار أولياء. في حين قرأ ذلك عامة قراء المدينة والكوفة بالفتح: ﴿وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ﴾. والتقدير: لا تتخذوا -أيها المؤمنون- الذين اتخذوا دينكم هزوًا ولعبًا والكفارَ- أولياء. أي: "ولا الكفارَ أولياء". وذلك بالعطف للكفار على الذين اتخذوا.
قال ابن جرير: (إنهما قراءتان متفقتا المعنى، صحيحتا المخرج، قد قرأ بكل واحدة منهم علماء من القرأة، فبأي ذلك قرأ القارئ فقد أصاب).


الصفحة التالية
Icon