وقوله: ﴿وَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾. يعني في عدادهم وأوليائهم، لأن أهل الصلاح بعضهم من بعض في الدين والفضل.
وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة، عن النبي - ﷺ - قال: [لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة: عيسى، وصبي كان في زمن جريج، وصبي آخر].
ورواه مسلم بلفظ: [لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة: عيسى بن مريم، وصاحب جُريج،... وبَيْنا صبي يَرْضَعُ من أمه، فَمرَّ رجل راكب على دابة فارهة وشارة حسنة، فقالت أمه اللهم! اجعل ابني مِثْل هذا، فترك الثدي وأقبل إليه فنظرَ إليه، فقال: اللهم! لا تجعلني مثله....] الحديث (١).
وقوله: ﴿قَالتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ﴾. أي: كيف لي بولد يوجد مني ولست بذات زوج، ولا أعزم على الزواج، ولست بغيًّا؟ فأجابها الملك يؤكد لها البشرى التي عجبت لها: ﴿كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ﴾ أي: يصنع ما أراد، ويخلق ما يشاء من بشر أو غير بشر، ﴿إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ أي: مما يشاء وكيف يشاء، ﴿فَيَكُونُ﴾ ما أراد سبحانه ولا يتأخر شيئًا، بل هو كلمح البصر، قال تعالى: ﴿وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ﴾ [القمر: ٥٠].
٤٨ - ٥١. قوله تعالى: ﴿وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (٤٨) وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٤٩) وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (٥٠) إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٥١)﴾.
في هذه الآيات: يُكْمِلُ الله البشري لمريم عليها السلام، بأن ما عَلِمت فيما نزل من