وقوله: ﴿انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ﴾
أي: نظهر لهم الدلالات الواضحات والحجج الدامغات.
وقول: ﴿ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾
أي: كيف يصرفون عن الحق وإلى أي ضلال يذهبون.
٧٦ - ٧٧. قوله تعالى: ﴿قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٧٦) قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (٧٧)﴾.
في هذه الآيات: زيادة توبيخ لصنيع هؤلاء، والذين يعبدون ما يعبدون من الأوثان والأصنام والأنداد، وتَحْذيرٌ من اتباع الأهواء وأصحاب الضلال.
قال القرطبي: (أي أنتم مقرون أن عيسى كان جَنينًا في بطن أمه، لا يملك لأحد ضرًّا ولا نفعًا، وإذ أقررتم أن عيسى كان في حال من الأحوال لا يسمع ولا يبصر ولا يعلم ولا ينفع ولا يضر، فكيف اتخذتموه إلهًا؟ ﴿وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ أي لم يزل سميعًا عليمًا يملك الضرّ والنفع، ومن كانت هذه صفته فهو الإله على الحقيقة).
وقوله: ﴿قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ﴾. الآية.
قال ابن كثير: (أي: لا تُجاوزوا الحدَّ في اتباع الحق، ولا تُطْروا من أُمْرِتُم بتعظيمه فتبالغوا فيه، حتى تخرجوه عن حيّز النبوة إلى مقام الإلهية، كما صنعتُم في المسيح، وهو نبي من الأنبياء فجعلتموه إلهًا من دون الله، وما ذاك إلا لاقتدائكم بشيوخ الضلال، الذين هم سلَفُكم ممن ضل قديمًا، ﴿وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ﴾، أي: وخرجوا عن طريق الاستقامة والاعتدال، إلى طريق الغواية والضلالة).
قلت: وقد حذّر النبي -صلى الله عليه وسلم- من الغلو في الدين، وتقليد أهل الكتاب فيما سلكوه،