يقول بحقٍّ، إذا عَلِمَهُ. قال: فبكى أبو سعيد، وقال: قد والله! رأينا أشياء، فهبنا] (١).
الحديث الرابع: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي سعيد قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: [مَنْ رأى منكم مُنكرًا فليُغَيِّرْهُ بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطِعْ فبقلبِه، وذلك أضعف الإيمان] (٢).
الحديث الخامس: أخرج أبو داود بسند صحيح عن رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-: [أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لن يَهْلِكَ الناس حتى يَعْذِرُوا، أو يُعْذِرُوا، من أنفسهم] (٣).
ورواه أحمد بلفظ: [لن يهلِكَ الناس حتى يُعْذَروا من أنفسهم].
وقوله: ﴿لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. أي: في تركهم الانتهاء عن معاصي الله وركوب محارمه- والذي سيوردهم المهالك والآلام.
وقوله: ﴿تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾.
قال مجاهد: (يعني بذلك المنافقين).
وقوله: ﴿لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ﴾.
قال ابن كثير: (يعني بذلك مُوالاتهم للكافرين، وتركهم موالاةَ المؤمنين التي أعقبتهم نفاقًا في قلوبهم، وأسخطت الله عليهم سُخطًا مُسْتمرًا إلى يوم مَعادِهم، ولهذا قال: ﴿أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾ وفَسّر بذلك ما ذَمَّهُم بِه. ثم أخبر عنهم أنهم ﴿وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ﴾ يعني يوم القيامة).
وقوله: ﴿وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ﴾.
قال مجاهد: (المنافقون).
أي: لو كان هؤلاء المنافقون الذين يتولون كفار يهود يصدقون الله ويؤمنون به حق الإيمان ويوحّدونه، ويصدّقون نبيّه محمدًا -صلى الله عليه وسلم- بما أُنزل إليه من القرآن العظيم، ما اتخذوهم أصحابًا وأنصارًا من دون المؤمنين.
وقوله: ﴿وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾. أي خارجون عن طاعة الله إلى

(١) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجة في السنن (٤٠٠٧) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، الباب السابق. وانظر صحيح ابن ماجة -حديث رقم- (٣٢٣٧).
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٤٩) -كتاب الإيمان، باب بَيان كون النهي عن المنكر من الإيمان.
(٣) حديث صحيح. أخرجه أبو داود في السنن (٤٣٤٧)، وانظر صحيح الجامع -حديث رقم- (٥١٠٧).


الصفحة التالية
Icon