اثنان من الورثة المستحقين للتركة، وليكونا من أوّلي من يرث ذلك المال، ﴿فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا﴾، أي: لقولنا إنهما خانا أحقُّ وأصح وأثبت من شهادتهما المتقدمة ﴿وَمَا اعْتَدَيْنَا﴾، أي: فيما قلنا من الخيانة ﴿إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾، أي: إن كنا قد كذبنا عليهما).
وقوله: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا﴾.
قال قتادة: (ذلك أحرى أن يصدقوا في شهادتهم، وأن يخافوا العَقِب (١)).
وقال ابن كثير: (أي: شرعية هذا الحكم على هذا الوجه المرضيِّ، من تحليف الشاهدين الذميين وقد استريب بهما، أقرب إلى إقامتهما الشهادة على الوجه المرضي).
وقوله: ﴿أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾.
فيه تخويف لهم من الفضيحة بين الناس إذا رُدَّت اليمين على الورثة.
قال ابن زيد: (فتبطل أيمانهم، وتؤخذ أيمانُ هؤلاء).
وقوله: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا﴾.
أي: خافوا الله أيها الناس حق مخافته وأطيعوا أمره وأدوا الأمانات إلى أهلها.
وقوله: ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾.
أي: الخارجين عن طاعة لله والخوف منه، والمستحلين لأنفسهم الحلف الكاذب وأكل أموال الناس بالباطل. قال ابن زيد: (﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾، الكاذبين، يحلفون على الكذب)، ولكن الآية عامة في كل فاسق، فتشمل كل أنواع الفسق. كما اختار ذلك شيخ المفسرين الإمام ابن جرير رحمه الله.
١٠٩ - قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (١٠٩)﴾.
في هذه الآية: إخبار عن خطاب الله سبحانه يوم القيامة المرسلين بماذا أجيبوا من

(١) العقب: العاقبة.


الصفحة التالية
Icon