وقال أيضًا: (﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلًا﴾ يعني أجل الموت، والأجل المسمى: أجل الساعة والوقوف عند الله).
٤ - وقيل: أما قوله: ﴿قَضَى أَجَلًا﴾ فهو النوم، تُقبض فيه الروح، ثم ترجع إلى صاحبها حين اليقظة، ﴿وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾، هو أجل موت الإنسان. وقيل: أخذ الأجل والميثاق في أجل واحد مسمى في هذه الحياة الدنيا.
والراجح ما ذكره ابن جرير: (ثم قضى أجل الحياة الدنيا، ﴿وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾، وهو أجل البعث عنده). وبنحوه الأقوال الثلاثة الأولى.
وقوله: ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ﴾.
قال السدي. (يعني تشكون في أمر الساعة). وقال: (الشك. وقرأ قول الله: ﴿فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ﴾ [هود: ١٧]. قال: في شك منه).
وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ﴾.
حَمَلَ الجهمية هذه الآية على أن الله في كل مكان -تعالى الله عن قولهم علوًا كبيرًا.
والتفسير الصحيح لهذه الآية كما قال الحْافظ ابن كثير رحمه الله -وهو قول أهل السنة والجماعة-: (فأصح الأقوال أنه: المدعوّ الله في السماوات وفي الأرض، أي: يعبده ويوحِّدُه وَيُقِرُّ له بالإلهية مَنْ في السماوات وَمَنْ في الأرض، ويسمُّونه الله، ويدعونه رَغَبًا وَرَهَبًا، إلا من كفر من الجن والإنس، وهذه الآية على هذا القول كقوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ... ﴾ [الزخرف: ٨٤]، أي: هو إله مَنْ في السماء وإلهُ مَنْ في الأرض، وعلى هدْا فيكون قوله: ﴿يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ﴾ خبرًا أو حالًا. والقول الثاني: أن المراد أنه الله الذي يعلم ما في السماوات وما في الأرض، من سِرٍّ وجهر. فيكون قولُه: ﴿يَعْلَمُ﴾ متعلقًا بقوله: ﴿فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ﴾، تقديره: وهو الله يعلم سركم وجهركم في السماوات وفي الأرض ويعلم ما تكسبون. والقول الثالث: أن قوله: ﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ﴾ وقفٌ تام، ثم استأنف الخبر فقال: ﴿وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ﴾. وهذا اختيار ابن جرير. وقولُه: ﴿وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ﴾ أي: جميعَ أعمالكم خيرها وشرها) انتهى.
٤ - ٦. قوله تعالى: {وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا