تَشْهَدُونَ (٧٠) يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٧١) وَقَالتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٧٢) وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٧٣) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٧٤)}.
في هذه الآيات: اليهود أمكر من دبّ على وجه الأرض، فهم أهل بغي وظلم وحسد، والله تعالى يخبر في هذه الآية: ﴿وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ يعني جماعة من أهل التوراة من اليهود، وأهل الإنجيل من النصارى، ﴿لَوْ يُضِلُّونَكُمْ﴾ أي: يصدونكم عن الإسلام إلى ما كنتم عليه من الكفر لتهلكوا به، والله تعالى يحذركم طاعتهم ويكشف لكم مكرهم، ويُبَيِّنُ اختصاصه تعالى برحمته من يشاء من المؤمنين.
وقوله: ﴿وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ﴾ أي: ما يهلكون بمحاولتهم هذه إلا أنفسهم وأهل ملتهم بِحلول سخط الله عليهم. ﴿وَمَا يَشْعُرُونَ﴾: أي: وهم لا يدرون ولا يعلمون.
وقوله تعالى: ﴿يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ﴾. قال قتادة: (تشهدون أن نَعْتَ محمد نبي الله - ﷺ - في كتابكم، ثم تكفرون به وتنكرونه ولا تؤمنون به، وأنتم تجدونه مكتوبًا عندكم في التوراة والإنجيل: ﴿النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ﴾).
وقوله: ﴿يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ﴾. قال قتادة: (يقول: لم تلبسون اليهودية والنصرانية بالإسلام، وقد علمتم أن دين الله الذي لا يقبل غيرَه، الإسلام، ولا يجزي إِلّا به).
وقوله: ﴿وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾. قال الربيع: (يقول: تكتمون شأن محمد - ﷺ -، وهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل: يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر).
وقوله تعالى: ﴿وَقَالتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾.