استطاع ذلك- على سبيل الفدية، بل مأواهم النار خالدين فيها مع شر البريّة.
أخرج البزّار بسند جيد عن عكرمة، عن ابن عباس: [أن قومًا أسلموا ثم ارتدوا، ثم أسلموا ثم ارتدوا، فأرسلوا إلى قومهم يسألون لهم، فذكروا ذلك لرسول الله - ﷺ -، فنزلت هذه الآية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ﴾ (١).
قال ابن جريج: (﴿لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ﴾، يقول: إيمانهم أوّلَ مرة لن ينفعهم).
وقال السدي: (فعند موته، إذا تاب لم تقبل توبته).
وفي التنزيل: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَال إِنِّي تُبْتُ الْآنَ﴾.
وقوله: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ﴾. أي: الذين أخطؤوا منهج النجاة وطريق الحق حيرة منهم وعمى في قلوبهم.
وقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ﴾. قال الحسن: (هو كل كافر).
أخرج البخاري ومسلم عن أنس بن مالك، أن نبي الله - ﷺ - كان يقول: [يُجاء بالكافر يوم القيامة فيُقال له: أرأيتَ لو كانَ لكَ مِلءُ الأرض ذهبًا أكُنْتَ تفتدي به؟ فيقول: نَعَمْ، فيقال له: قد كنْتَ سُئِلتَ ما هو أيْسَرُ من ذلك] (٢). وفي لفظ: [فقد سألتك ما هو أهونُ من هذا وأنت في صُلْبِ آدم، أن لا تشركَ بي فأبَيْتَ إلا الشرك].
وأخرج الإمام أحمد والنسائي بسند صحيح عن أنس قال: قال رسول الله - ﷺ -: [يؤتى بالرجل من أهل الجنة فيقول له: يا ابن آدم، كيف وجدت منزلك؟ فيقول: أي رب، خير منزل. فيقول: سل وتمنَّ. فيقول: ما أسأل ولا أتمنى إلا أن تردني إلى الدنيا، فأقتل في سبيلك عشر مرات. لما يرى من فضل الشهادة. ويؤتى بالرجل من أهل النار فيقول له: يا ابن آدم، كيف وجدت منزلك؟ فيقول: يا رب، شر منزل. فيقول له: تفتدي مني بطلاع الأرض ذهبًا؟ فيقول: أي رب، نعم. فيقول: كذبت،
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٦٥٣٨)، كتاب الرقاق، وكذلك (٣٣٣٤)، كتاب أحاديث الأنبياء، وأخرجه مسلم (٢٨٠٥)، وأحمد (٣/ ٢١٨)، وغيرهم.