ومعه الرجلان. ويجيء النبيُّ ومعه الثلاثة. وأكثر من ذلك وأقَلُّ. فَيُقَالُ له: هلْ بَلَّغْتَ قومَك؟ فيقول: نعم. فيدعى قَوْمُهُ، فيقال: هل بَلَّغَكُمْ؟ فيقولون: لا. فيقال: مَنْ شَهِدَ لكَ؟ فيقول: محمدٌ وأمَّتُهُ. فَتُدْعَى أمَّةُ محمد فيقال: هل بَلَّغَ هذا؟ فيقولون: نَعَم. فيقول: وما عِلْمُكُم بذلك؟ فيقولون: أخبرنا نبيّنا بذلك أن الرسل قد بَلَّغوا، فصدَّقْناه. قال: فذلكم قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا... (١٤٣)﴾] (١).
ولا شك أن السؤال واقع يوم القيامة على كل من استرعاه الله رعية، سواء أكان إمامًا أم والدًا أم والدة أم واليًا ولي أي شأن من شؤون الخلق ومصالحهم.
فقد أخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: [كُلُّكُم راع، وكُلُّكُم مسؤول عن رَعِيَّتِهِ: الإمام راعٍ ومسؤول عن رَعِيَّتِهِ، والرجل راعٍ في أهله وهو مسؤول عن رَعِيَّتِهِ، والمرأة راعيةٌ في بيت زوجها ومسؤولة عن رَعيَّتِهِا، والخادمُ راعٍ في مال سَيِّده ومسؤول عن رَعِيَّتِهِ. قال: وحسبتُ أنْ قَدْ قال: والرجل راعٍ في مالِ أبيه وهو مسؤول عن رعيته، وكلكم راعٍ ومسؤول عن رَعِيَّتِهِ] (٢).
وقوله تعالى: ﴿فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (٧)﴾.
قال ابن عباس: (ينطق لهم كتاب عملهم عليهم بأعمالهم).
قال القرطبي: (﴿وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ﴾ أي: كنا شاهدين لأعمالهم. ودلت الآية على أن الله تعالى عالمٌ بعلم). وقال النسفي: (﴿وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (٧)﴾ عنهم وعما وجد منهم. ومعنى السؤال التوبيخ والتقريع والتقرير إذا فاهوا بألسنتهم وشهد عليهم أنبياؤهم).
وفي صحيح مسلم عن أنس قال: [كنا عند رسول الله - ﷺ - فضحك، فقال: هل تدرون مِمَّ أضحك؟ قال: قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: من مخاطبة العبد ربَّه يقول: يا رب ألم تجرني من الظلم؟ فيقول: بلى. فيقول: إني لا أجيز على نفسي إلا شاهدًا مني، فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيدًا، وبالكرام الكاتبين شهودًا، فَيُخْتَمُ على
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٨٩٣) - كتاب الجمعة، ومسلم (٢٠)، وأخرجه أبو داود في السنن (٢٩٢٨)، وكذلك الترمذي (١٧٠٥)، وابن حبان (٤٤٧٢)، والبيهقي (٦/ ٢٨٧).