وقوله تعالى: ﴿قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾.
يقول جل ذكره لآدم وحواء وإبليس العدو: اهبطوا من السماء إلى الأرض، بعضكم لبعض عدو. قال ابن عباس: (﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ﴾، قال: القبور. ﴿وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾، قال: إلى يوم القيامة، وإلى انقطاع الدنيا). وكذلك قال ابن عباس: (﴿مُسْتَقَرٌّ﴾: وجه الأرض وتحتها).
قال ابن كثير: (وقوله: ﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾، قال: قرارٌ وأعمارٌ مضروبةٌ إلى آجال معلومة، قد جرى بها القلم، وأحصاها القدرُ، وسطِّرت في الكتاب الأول).
وقوله تعالى: ﴿قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (٢٥)﴾.
أي: حياتكم ثم مماتكم فيها ثم تبعثون منها ليوم الحساب.
وفي التنزيل: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى﴾ [طه: ٥٥].
أخرج الإمام أحمد وأبو داود والحاكم بسند صحيح من حديث البراء - عند صعود الروح - قال رسول الله - ﷺ -: [فيستفتحون له، - أي: لروح المؤمن - فيفتح لهم، فيشيعه من كل سماء مقربوها، إلى السماء التي تليها، حتى ينتهي به إلى السماء السابعة، فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتاب عبدي في عليين، فيكتب كتابه في عليين، ثم يقال: أعيدوه إلى الأرض، فإني وعدتهم أني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى. قال: فيُرَدُّ إلى الأرض، وتعاد روحه في جسده].
ثم قال في روح الكافر: [فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، ثم يقال: أعيدوا عبدي إلى الأرض، فإني وعدتهم أني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى. فتطرح روحه من السماء طرحًا حتى تقع في جسده] (١).
٢٦ - ٣٦. قوله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (٢٦) يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ

(١) حديث صحيح. أخرجه أبو داود في السنن (٢/ ٢٨١)، وأحمد في المسند (٤/ ٢٨٧ - ٢٨٨)، والحاكم في المستدرك (١/ ٣٧) - ضمن حديث طويل.


الصفحة التالية
Icon