وقال الضحاك: (المشركون يشاركون المؤمنين في الدنيا في اللباس والطعام والشراب، ويوم القيامة يَخْلُص اللباس والطعام والشراب للمؤمنين، وليس للمشركين في شيء من ذلك نَصيبٌ).
وقوله: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾.
قال مجاهد: (﴿مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾، طوافُ أهل الجاهلية عراة، ﴿وَمَا بَطَنَ﴾، الزنا).
وقال السدي: (أما ﴿الْإِثْمَ﴾ فالمعصية، و ﴿الْبَغْيَ﴾، أن يبغيَ على الناس بغير الحق).
وقال مجاهد: (نهى عن ﴿الْإِثْمَ﴾، وهي المعاصي كلها، وأخبر أن الباغيَ بَغْيُهُ كائن على نفسه).
قلت: ولا شك أن لفظ الفواحش يشمل من الموبقات أكثر مما ذكره مجاهد، ومن ثمَّ فإن كل الأعمال المُفْرِطَةِ في القبح داخلة في مسمى الفواحش. وكذلك فإن سرّها وعلانيتها يدخل في مفهوم قوله تعالى: ﴿مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾. ولفظ ﴿الْإِثْمَ﴾ يدل على المعصية. ولفظ ﴿الْبَغْيَ﴾ يدل على الظلم وتجاوز الحدّ فيه. قال القرطبي: (وأخرج الإثم والبغي من الفواحش وهما منه لعظمهما وفحشهما، فنصَّ على ذكرهما تأكيدًا لأمرهما وقصدًا للزجر عنهما).
أخرج البخاري ومسلم عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله - ﷺ -: [لا أحد أغْيَرُ من الله، من أجل ذلك حَرَّمَ الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحبُّ إليه المدح من الله عز وجل، من أجل ذلك مدح نفسه، ولا أحد أحبُّ إليه العذر من الله، من أجل ذلك بعث النبيين مبشرين ومنذرين] (١). وفي لفظ عند الإمام مسلم: [من أجل ذلك أرسل رسله وأنزل كتبه] (٢).
وقوله: ﴿وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا﴾.
هذا أكبر الظلم، وكل الفواحش دونه في الإثم، فأعظم الظلم أن تدعو غير الله سبحانه الذي خلقك وسواك وعدلك وأغدق عليك نعمه ظاهرة وباطنة، أو تصرف
(٢) حديث صحيح. هو رواية عند الإمام مسلم (٢٧٦٠) ح (٣٥)، للحديث السابق.