قلت: وقد حفلت السنة الصحيحة بآفاق هذا المعنى، في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي موسى قال: قال رسول الله - ﷺ -: [إذا كان يومُ القيامة، دَفعَ الله عزَّ وجلَّ إلى كُلِّ مُسْلِمٍ، يَهوديًا أو نصرانِيًّا، فيقول: هذا فِكاكُكَ من النار] (١).
الحديث الثاني: أخرج ابن ماجه في السنن بسند صحيح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: [ما مِنْكُم مِنْ أحَدٍ إلا له مَنْزِلان: مَنْزِلٌ في الجنة، ومَنْزِلٌ في النار. فإذا مات، فَدَخَلَ النارَ، وَرِثَ أهل الجنة مَنْزِلَه. فذلك قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (١٠)﴾] (٢).
الحديث الثالث: أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - ﷺ -: [لن يُنَجِّيَ أحدًا منكم عَمَلُهُ. قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمَّدَني الله برَحْمَةٍ. سَدِّدُوا وقاربوا، واغْدوا وروحوا، وشيئًا من الدُّلْجَةِ، والقَصْدَ القَصْدَ تَبْلغُوا]. هذا لفظ البخاري، وفي لفظ مسلم: [لن يُدْخِلَ أحدًا منكم عَمَلُهُ الجنة. قالوا: ولا أنت؟ يا رسول الله! قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله منه بِفَضْلٍ ورحْمة] (٣).
الحديث الرابع: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي - ﷺ - قال: [ينادي مناد إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدًا. وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدًا. وإن لكم أن تَشِبُّوا فلا تهرموا أبدًا. وإن لكم أن تنعموا فلا تَبْأسوا أبدًا. فذلك قوله عز وجل: ﴿وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾] (٤).
٤٤ - ٤٥. قوله تعالى: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في صحيحه (٢٧٦٧) - كتاب التوبة. وأخرجه ابن حبان (٦٣٠)، والطيالسي (٤٩٩). من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
(٢) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجه (٤٣٤١) - باب صفة الجنة - وهو آخر حديث صحيح في سننه. انظر صحيح سنن ابن ماجه (٣٥٠٣)، ورواه البيهقي في "شعب الإيمان" (١/ ٢٦٥).
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٦٤٦٣)، ومسلم (٢٨١٦)، وأحمد (٢/ ٣٨٦)، وغيرهم.
(٤) حديث صحيح. انظر مختصر صحيح مسلم (٢١٤٠) - كتاب التفسير - سورة الأعراف، آية (٤٣).


الصفحة التالية
Icon