لا يقدرون أن يُجيبوا. ثم أُمِرَ بهم فَسُحِبوا، فَأُلْقُوا في قليب بَدْر] (١).
قال قتادة: (أحياهم الله حتى أسمعهم قوله، توبيخًا وتصغيرًا ونِقْمَةً وحسرة وندمًا) (٢).
وبنحو هذا الحوار بين أهل الجنة وأهل النار، ذكر الله تعالى أخبارًا أخرى مشابهة تكون بعد دخول أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، ففي التنزيل:
١ - قال تعالى في سورة الصافات - عن الرجل الذي كان له قرينٌ من الكفار -: ﴿فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (٥٥) قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (٥٦) وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٥٧) أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٥٩)﴾. ينكر عليه مقالته التي كان عليها، ويقرعه على المصير الذي آل إليه ونجاه الله منه.
٢ - وقال تعالى في سورة الطور - عن تقريع الملائكة الكفار -: ﴿هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (١٤) أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ (١٥) اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٦)﴾.
وقوله: ﴿فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾.
قال ابن جرير: (يقول: فنادى مناد، وأعلم مُعْلِمٌ بينهم، ﴿أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾، يقول: غضب الله وسخطه وعقوبته على من كفر به).
وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ﴾.
هو وصف لحال أولئك الظالمين.
قال ابن كثير: (أي: يصدون الناس عن اتباع سبيل الله ورسوله وشرعه وما جاءت به الأنبياء، ويبغون أن تكون السبيل معوجة غير مستقيمة، حتى لا يتبعها أحد. ﴿وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ﴾، أي: وهم بلقاء الله في الدار الآخرة كافرون، أي: جاحدون مكذبون بذلك لا يصدقونه ولا يؤمنون به. فلهذا لا يبالون بما يأتون من منكرٍ من القول والعمل، لأنهم لا يخافون حسابًا عليه ولا عقابًا، فهم شر الناس أعمالًا وأقوالًا)
(٢) رواه البخاري. انظر صحيح البخاري (٣٩٧٦) - كتاب المغازي. وكتابي: السيرة النبوية (١/ ٥٩٥ - ٥٩٦) لمزيد من التفصيل في شأن قتلى المشركين يوم بدر.