أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ}.
٩ - وقال في سورة المعارج: ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾
١٠ - وقال في سورة غافر: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (٣٦) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا...﴾.
قلت: ومن ثمَّ فمن شك أن الله في السماء اليوم، فقد تشبه بطريقة فرعون.
قال ابن جرير- شيخ المفسرين - رحمه الله: (قوله تعالى: ﴿وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا﴾ أي: وإني لأظن موسى كاذبًا فيما يقول ويدعي من أن له في السماء ربًا أرسله إلينا).
وقال الإمام الجويني - أبو محمد والد إمام الحرمين -: (وهذا يدل على أن موسى أخبره بأن ربه تعالى فوق السماء، ولهذا قال: وإني لأظنه كاذبًا) (١).
وقال الإمام مالك رحمه الله: (الاستواء معلوم - يعني في اللغة، والكَيْفُ مجهول، والسؤال عن هذا بدعة).
قال ابن كثير: (وإنما يُسلك في هذا المقام مذهبُ السلف الصالح: مالك، والأوزاعي، والثوري، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وغيرهم من أئمة المسلمين قديمًا وحديثًا، وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل. والظاهر المتبادر إلى أذهان المشبهين منفي عن الله، فإن الله لا يشبهه شيء من خلقه، و ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]، بل الأمر كما قال الأئمة - منهم نُعيم بن حَمَّاد الخزاعي شيخُ البخاري -: من شَبَّهَ الله بخلقه فقد كفر، ومن جَحَدَ ما وصف الله به نفسه فقد كفر. وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسولُه تشبيه، فمن أثبت لله تعالى ما وَرَدَتْ به الآيات الصريحة والأخبار الصحيحة، على الوجه الذي يليق بجلال الله تعالى، ونَفَى عن الله تعالى النقائص، فقد سَلَك سبيل الهدى).
قلت: وفي السنة الصحيحة إثبات علو الله على عرشه في أحاديث كثيرة، منها:
الحديث الأول: أخرج البخاري عن أنس: أن زينب بنت جحش كانت تفخر على